في ليلة باردة من ليالي شتاء الكويت، توقظ الآلام أم أحمد من النوم، ألم باليدين والقدمين مع شعور غريب بتيبس بالأطراف. تنظر إلى اليدين وإذا بهما منتفختان، تستمر الأعراض ساعات دون أن تهدأ. في الصباح تذهب المريضة إلى المركز الصحي وتبدأ بتناول مثبطات الالتهابات بتوصية الطبيب. تستمر الأعراض أياما وأسابيع دون تحسن ملموس للآلام بل زاد الشعور بشد وتصلب الجلد وطال مناطق متعددة بالجسم كالوجه والصدر والأطراف.
بعد ثلاثة أشهر تقابل أم أحمد اخصائي بمستشفي عام لتشكو أعراضها وتكشف عند سؤالها عن آلام عند بلع الطعام وتغير لون اليدين بين البياض الشاحب والزرقة عند تعرضها للبرودة منذ أكثر من عام. حينها تم أخذ فحوصات داخلية شاملة وأخرى مناعية وتأتي النتائج مؤكدة تشخيص أم أحمد بمرض تصلب الجلد الجهازي الذاتي المنتشر وهو مرض مشتق من اللغة اللاتينية «سكليروديرما» والذي يعني تصلب الجلد أو تيبسه، وهو مرض مناعي مجهول السبب، يصيب النساء أكثر من الرجال، ويؤدي الخلل المناعي إلى تولد أجسام مضادة تهاجم الخلايا والأنسجة في العديد من أعضاء الجسم الداخلية مما يؤثر سلبا على وظائفها كما تؤدي تلك التغيرات المناعية إلى إنتاج مادة الكولاجين (بروتين مكون لنسيج الجلد) بنوعية وكمية غير طبيعية تسبب تضخم بالأنسجة الضامة للبشرة والأوعية الدموية وبعض الأعضاء الداخلية وتؤدي إلى تيبس الجلد وتليف الأنسجة. ولطبيعة المرض المزمنة كان وقع الخبر مزعجا على المريضة. كان عمر المريضة عند التشخيص الخامسة والثلاثين عاما، وكانت الأعراض في السنوات الأولى من المرض قاسية ولكن سرعان ما استقرت الحالة بعد ذلك بفضل الله ثم لحسن المتابعة والالتزام بالنصائح الطبية.
تبلغ أم أحمد الخامسة والخمسين عاما في هذا الصيف، حيث أكملت خدمتها الوظيفية وكانت دوما حريصة على العمل والمشاركة في الأعمال التطوعية والمجتمعية حين هدوء المرض فكانت إرادتها أصلب من تصلب الجلد، بالطبع فإن سلوك المرض ونشاطه ودرجة شدته وتأثيره على الأعضاء الداخلية بل وحتى الاستجابة للعلاجات يختلف من مريض إلى آخر.
اليوم التاسع والعشرون من يونيو هو يوم التوعية بمرض تصلب الجلد في الكثير من دول العالم حيث توفر العديد من الهيئات والجمعيات المعلومات والأخبار والدراسات المتعلقة بهذا المرض عبر روابط مواقعها علي شبكة الإنترنت مثل:
www.sclero.org
www.scleroderma.org
www.sclerodermaresearch.org
www.fesca-scleroderma.eu
إلى اخواننا وأخواتنا المرضى وأقاربهم نهدي هذا المقال.
[email protected]