نستكمل اليوم الحلقة الثالثة من سلسلة المقالات لإيجاز بدايات ممارسة الطب الحديث (النظامي) في الكويت منذ مطلع القرن الماضي في إطار التمهيد لفهم كيف شكلت تلك البدايات والمراحل مسار وواقع العمل الصحي في الكويت بعد الاستقلال وبناء الدولة الحديثة.
بدأت الكويت تتبني ممارسة الطب الحديث بعد دخول العمل الطبي البريطاني والإرسالي الأميركي والذي تناولناه في مقالات سابقة، كانت البداية مع إنشاء الدوائر بدءا بدائرة البلدية في ثلاثينيات القرن الماضي ومن ثم دائرة الصحة. وسبق ذلك مبادرات شعبية تمثلت في إنشاء المستوصف الخيري عام 1913م بمجهود فضلاء من أهل الكويت حيث تم تخصيص مكان في بيت بمدينة الكويت كان عيادة لطبيب تم تعيينه مع مساعد له (د.اسعد أفندي)، كما تم توفير بعض الأدوية والضمادات وجهاز ميكروسكوب.
استمرت العيادة تقدم خدماتها للمحتاجين حتى عام 1914 م، حيث أغلقت مع مغادرة الطبيب. بعد تلك الفترة كانت الممارسة الطبية النظامية محصورة في مستوصف دار الاعتماد البريطاني ومستشفى الإرسالية الأميركية حتى مطلع الأربعينيات، ومع تدفق عوائد النفط بدأت دائرة الصحة بإنشاء المستوصفات واستقدام الكوادر الطبية من الدول العربية ونشر حملات التطعيم الوقائية وتوج العمل الطبي الحكومي ببناء وافتتاح المستشفى الحكومي (الأميري) عام 1949.
بحثت دائرة الصحة عن إدارة أجنبية لتولي وإدارة العمل الطبي في المستشفى الحكومي فبدأت بطلب ذلك من الإرسالية الأميركية إلا أن مرشح الإرسالية الأميركية لم يوفق في مهمته وكان ذلك الفشل سببا في خسارة الإرسالية فرصة عظيمة لإدارة العمل الطبي الحكومي (كما ذكرت ذلك طبيبة الإرسالية د.ماري إليسون في مذكراتها).
تعاقدت الحكومة بعدها مع طبيب من بريطانيا - د.أيريك بري- والذي قاد باقتدار العمل الطبي الفني الحكومي لسنوات فيما بعد وتم استقدام أطباء وفنيين وقابلات من انجلترا والهند ودول عربية لدعم التوسع في العمل الطبي في المستشفى والمستوصفات والعيادات المتنقلة في القرى والواحات خارج المدينة. مثلت حقبة الأربعينيات بدايات العمل الطبي الحكومي في حين كانت فترة الخمسينيات مرحلة الطفرة في الإنشاءات الصحية وهو ما سنتناوله في المقال القادم.
«للراغبين بالتفصيل عن بدايات العمل الطبي الحكومي في النصف الأول من القرن الماضي يمكن مراجعة تاريخ الخدمات الصحية في الكويت - إصدار مركز البحوث والدراسات الكويتية». - يتبع -
[email protected]