بادرت الدول المتقدمة إلى اتخاذ خطوات ملموسة في مجال سلامة المرضى وتقليل فرص الأخطاء المهنية أثناء الرعاية الصحية، كان أهمها إجراء الدراسات والبحوث وتوفير قاعدة بيانات لتحديد حجم المشكلة وموقعها أثناء الرعاية الطبية، وسبق ذلك إصدار تشريعات لوضع آلية آمنة للعاملين من أجل الإفصاح عن تلك الأخطاء بعيدا عن الاستهداف الشخصي أو المؤسسي، ومن دون اتخاذ تلك الخطوات لا يمكن قياس التقدم الملموس في مجال سلامة المرضى والأخطاء الطبية.
الدراسات تفيد بأن حجم المشكلة كبير سواء بسبب الفشل في التشخيص أو التأخير فيه، حيث دلت دارسة لوكالة البحوث والجودة الصحية الأميركية على أن نسبة أخطاء التشخيص قد تصل إلى 30% من إجمالي الأخطاء وأنها تمثل ضعف الأخطاء الناجمة عن الوصفات الدوائية. دراسة أخرى كشفت أن 39% من مجموعة الدعاوى المدنية المرفوعة على المؤسسات الصحية كانت بسبب أخطاء تشخيصية.
والملفت للنظر أنه عند البحث عن الأسباب نجد أن القصور النظامي بالمؤسسات الصحية يساهم فيما نسبته 65% من تلك الأخطاء.
وفي هذا الأمر يتساوى الأطباء باختلاف درجاتهم الفنية الوظيفية في ارتكاب تلك الأخطاء التشخيصية ـ بالطبع ـ بنسب متفاوتة، ويتركز القصور النظامي في الأخطاء المخبرية شاملة الأخطاء التصويرية أو النسيجية تليها التأخر في متابعة تلك التحاليل والقصور في نظم التواصل والتشاور بين الأخصائيين في مراحل التشخيص المبكرة.
لذا سارع المعنيون بسلامة المرضى إلى الاستفادة من خبرة المختصين بالمهارات الذهنية من أجل اقتراح حلول لتطوير طريقة التفكير بمراحله المتقدمة لتحسين مهارات التشخيص من خلال التعليم والتدريب للطلبة والأطباء، كما سارعت المؤسسات الصحية بتوفير نظم وبرامج رقمية تساعد المهنيين على استدراك الاحتمالات حتى النادرة منها في التشخيص للحالة المرضية وعدم الاكتفاء بالقدرات الذاتية المعرفية للطبيب المعالج.
الشاهد فيما ذكرناه أن التعامل مع جوانب القصور في مجال التشخيص الطبي يتطلب دراسات ومبادرات فاعلة ومبنية على البراهين من قبل المؤسسات التعليمية والصحية بعيدا عن التوظيف الشخصاني بين المهنيين أو السياسي بين السياسيين.
[email protected]