خالد خليل القطان
عانت تركيا كثيرا وتعاني الى الآن من العلمانية وهي النموذج الأبرز للدخول الى الاتحاد الأوروبي فصاغت العلمانية في دستورها وحاولت وتحاول تطبيق كراسة الشروط «صعبة المعايير» للانضمام الى الجسد الاوروبي الذي يتطلب تطبيق الديموقراطية الغربية فقط، واحترام حقوق الانسان وكل ما يتعلق بالأقليات حتى فيما يتعلق بدولة كردستان، وكذلك تقويم الاقتصاد التركي حتى يتساوى الناتج المحلي مع ميزان المدفوعات والمديونيات العامة.
معلومات بحاجة للمراجعة، هل يعلم حزب العدالة والتنمية بوجود 70 مليون مسلم، كيف سينسلخ من العالم الاسلامي ويندمج مع اتحاد اوروبي به 450 مليون مواطن غير مسلم، مما سيشكل خللا ديموغرافيا للطرفين، فمنذ 2005 تقريبا تقدمت تركيا بطلب الانضمام وامهلها 10 سنوات لتستوفي الشروط، وهذا مؤشر غير واضح ويعطي دلالة بتسويف هذه القضية التي ستضر الاوروبيين، وذلك لأن سياسة التصويت في الاتحاد الاوروبي تعتمد على سكان الدولة فلا يراد بدولة علمانية نصفها مسلم والنصف الآخر ينادي باتباع الغرب ان تكون له حصة الأسد في التصويت، ولكن قوبل طلبها على مضض لأنها عضو في حلف الناتو ولها حدود متاخمة لروسيا القطب الثاني الذي لا يستهان به حتى بعد سقوط حلف وارسو.
أصبح حزب العدالة والتنمية يراقب تسمم الجسد لتركيا عقلا وثقافة وخلقا بمستوردات فكرية وسلوكية سامة عطلت قواه واستبعدت وقسمت ثروته، فالعلمانية كانت وسيلة لاستعمار تركيا فأعادت تركيا تعريف نفسها فأصبحت تتقمص دورا محبطا وتستجدي العضوية من الغرب بعد ان كان لتركيا دور تاريخي كزعيمة اسلامية مناوئة للغرب، فالكل يجمع على ان العلمانية دمرت موقع تركيا السياسي وأوهنت استقلالها الذاتي واضعفت شجاعة المبادرة في رجالها، فلم يع بعد حزب العدالة والتنمية ان الغرب يريد التخلص من مخاطر تركيا المسلمة حتى يرسخ بها العبودية والتبعية الشكلية باسم العلمانية التي لم تضف اي جديد لتركيا، فالمسؤولون عن هذا الوضع هم المتلبسون والملتصقون بأفكار دول وأمم اخرى فما يقدمونه في سياق الافكار والمشاريع الكبيرة الا حيل الثعالب ومراوغتها.
وجدت تركيا نفسها امام خسائر فادحة لا تحصى على كل الاصعدة ولم يكن لها دور بارز في اي كعكة تقتسم مع الولايات المتحدة فعملية تقسيم العراق كلفتها الكثير، وعلى صعيد آخر لم تجد تركيا في النظام السياسي العربي ما يمكن التعويل عليه لتبني مستقبلا يضاهي زمن مصطفى كامل اتاتورك الذي جعل من تركيا الدولة التي لا تغيب عنها الشمس على غرار بريطانيا.
وفي رأيي الشخصي «الانجاز حتى يكون إنجازا فهو كالشجرة المثمرة التي بها شوك لن تنال مرادك حتى يصيبك أذى».