بدأت عجلة الإحلال تسير في طريقها الصحيح بعد توقف شبه كامل استمر أعواما في بعض الجهات رغم المطالبات المستمرة بتكويت الأجهزة الحكومية من أصحاب الاختصاص بمختلف مؤهلاتهم العلمية التي تمكنهم من الحصول على الوظيفة التي كفلها لهم الدستور.
بداية الإحلال الحقيقي انطلقت من وزيرة الأشغال ووزيرة الدولة لشؤون الإسكان د.رنا الفارس التي أصدرت قبل أيام قرارا شجاعا يقضي بإنهاء خدمات 33% من الوافدين العاملين بالمؤسسة العامة للرعاية السكنية كخطوة أولى وتوجهها في تكويت جميع الجهات التابعة لها وإحلال الكوادر الوطنية بدلا عنهم في مختلف الوظائف.
القرار الذي صدر بالاستغناء عن ١٣٥ موظفا بين قانونيين وإداريين وتنفيذيين ومهندسين ومساعدي مهندسين ووظائف أخرى وجد استحسانا كبيرا وإشادات واسعة لدى المواطنين في مواقع التواصل الاجتماعي، ودعم هذا التوجه الذي يهدف إلى الاستفادة من الكوادر الوطنية لشغل الوظائف المشمولة بقرار إنهاء الخدمات.
شجاعة الوزيرة في هذا النهج أنصفت العديد من المواطنين المعلق مصيرهم وينتظرون الوظيفة على قوائم التوظيف في ديوان الخدمة المدنية منهم المهندس والقانوني وأصحاب الدورات الخاصة ذات الطابع الفني، الجميع كان ينتظر هذه الخطوة بفارغ الصبر بتطبيق سياسة الإحلال التي كادت أن تختفي لولا أن أحيتها الوزيرة الفارس بهذا القرار الذي أثلج صدور العديد من المواطنين، وخصوصا الخريجين الجدد ومن هم على قوائم الانتظار الذين يأملون أن يتم تعيينهم حسب مؤهلاتهم العلمية الحاصلين عليها.
الإنجاز هذا يُسجل للوزيرة، ويُحسب كذلك لسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد الذي نجح في استقطاب هذه الكوادر الشابة ضمن فريقة الحكومي.
الفارس أول الوزراء الذين طبقوا توجه سمو رئيس مجلس الوزراء بالفعل قبل القول من خلال إصدار القرارات التي عجز عنها البعض من الوزراء في الحكومة الحاليين أو السابقين.
يجب على الوزراء أن يحذوا حذو هذه الوزيرة المتميزة ويطبقوا الإحلال في وزاراتهم، فهناك العديد من الوظائف يشغلها غير الكويتيين يستطيع المواطن شغلها باستثناء بعض الوظائف التي تعاني من نقص في تخصصاتها في الوقت الحالي، أما بقية الوظائف فقد وصلنا إلى مرحلة الاكتفاء نظرا لمخرجات التعليم.
نتمنى أن نرى الإدارات القانونية في وزارات الدولة جميع من يشغلها أبناء هذا البلد الذين يتمتعون بالمؤهلات العالية والخبرة الكافية في هذا المجال، فمنهم من يحمل البكالوريوس والماجستير وآخرون لديهم شهادة الدكتوراه، فلماذا يُحرم أبناء الكويت من هذه الوظائف التي بعضها منذ عام ٢٠٠٥ لا تقبل العنصر الوطني؟ ولا نعلم أسباب ذلك الرفض واقتصار العمل في تلك الجهات على الوافدين تتعاقد معهم الوزارات بمبالغ كبيرة ويُحرم المواطن منها بحجة أو بأخرى، وهذا ينطبق على معظم الوزارات الحكومية.
الوزراء على عاتقهم هذه المسؤولية ويجب أن يبدأوا بأنفسهم، وخصوصا الأدوار العليا ويعتمدوا على الأخذ برأي الكوادر الوطنية ويدعموهم، ويعملوا فورا على تطبيق سياسة الإحلال في إداراتهم التابعة لهم أولا.
أما التصاريح والخطب الرنانة للبعض، فنحن نسمعها ولا نرى فعلها على ارض الواقع، وشبع الجميع منها وأصبح ضررها اكثر من منفعتها على المواطنين الذين ينتظرون الوظيفة المناسبة لمؤهلاتهم.
وزارات الدولة نجد فيها من يشغل الجانب الإداري والمالي الغالبية العظمى من ضيوفنا الوافدين ونسبة التكويت قليلة جدا في تلك الجهات مثل البلدية والصحة والتربية والشؤون والأوقاف وفي المقابل نجد أن مخرجات التعليم لدينا باستطاعتها سد النقص في هذه الوظائف تحديدا المحاسبة والوظائف الإدارية.
لذلك يجب على المسؤولين في الوزارات العمل على دعم الإحلال والبدء بشكل جاد في تكويت تلك الوظائف من خلال الإعلان بالاسم والمسمى عن المستغنى عنهم وعدم الرضوخ والخوف من تبعات القرار لأن الكويتي أولى من غيره في الوظيفة، كما يجب أن ينظر الوزراء إلى ثغرة أخرى ابتدعها بعض مستشاريهم تتمثل بتعويض المشمولين بالإحلال والمستغنى عنهم بوظائف تسمى استعانة بخدمات أو أجر مقابل عمل.
أخيرا: مقولة «الكويتي لا يعمل» ابتدعها بعض أصحاب المناصب البراشوتية الذين سبق وأكدنا لهم في مقالات سابقة أن الكويتي يعمل واستشهدنا لهم بالعديد من الجهات الحكومية التي تُدار بكوادر وطنية وإنجازاتهم مفخرة للجميع، وقد أثبتت جائحة كورونا والأزمة التي عشناها مؤخرا كفاءة وإنتاجية الموظف الكويتي بشكل ألجم كل الأفواه التي كانت تردد المقولة الحمقاء «الكويتي غير منتج»، ومنا إلى الوزراء «تكويت مكاتبكم ومستشاريكم أصبح واجبا ضروريا».
[email protected]