«ليس الواصل بالمكافئ» شطر من حديث نبوي قريب إلى نفسي منذ أن تعلمته وعرفت مغزاه، «ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها» هذه تكملته.
عندما أقرأ إعجاز البيان في اللفظ النبوي للأحاديث أتوقف وأتخيل حبيبنا النبي الأمي كيف أوتي جوامع الكلم وأفخر بأنني من أتباع هذا الرجل العظيم، وكم هو لطف أن اختارنا الله في عالم الذر لنكون من الناجين المسلمين بالولادة ولم يكلفنا عناء البحث عن الدين.
المكافئ الذي يصل من يصله ولم يكن هو المحسن بالوصل لمن يقطعه، معان عميقة تكرس أهمية الإحسان والترفع عن صغائر الأمور التي تؤدي للقطيعة بين الأهل والأقارب، المال والسلطة والأبناء والعلم، هي الفتن الأربع في سورة الكهف لو رجعنا للسبب الحقيقي لأي خلاف أدى إلى قطيعة نجد أنه يدور حولهم.
تفرقت عائلات بسبب النزاع على المال والميراث والمناصب والسلطة والترتيب العائلي، يختلف الأبناء فيتقاطع الآباء، الحسد والغيرة من علم وشهادة ومرتبة أكاديمية، فأين الذي يقوم بدور الواصل بينهم لا المكافئ منهم لمن يصله فقط ويكسر الكبر على النص؟!
التدبر والتفكر في الأحاديث النبوية يعين على فهم البيئة التي نشأ فيها الإسلام، وترعرعت أخلاقياته عبر المسلمين آنذاك، الصحابة، لنعرف أن اليوم يسب الدين بسبب أتباعه الذين لا يليقون به وهم مسلمون بالاسم والهوية، بينما السلوك والأخلاق هم أبعد ما يكون عنه.
المسلمون الأوائل كانوا يبقون على علاقة الصلة مع أصدقاء آبائهم وأمهاتهم الموتى، تخيلوا، اتباعا، حيث قال المصطفى صلى الله عليه وسلم «إن حسن العهد من الإيمان» فتسابقوا له.
شيء غريب تلك الأمة التي سبقتنا لصحبة النبي وسنلحقها للقائه في الجنان بكرم ورحمة الله، كانوا يطبقون الأمر قبل أن يطبق الحبيب شفتيه منتهيا من التبليغ به، أمة قل جدلها لانشغالها بالعمل وطاعة نبيها وحمل هم الرسالة، أمة وارثة للدعوة فهمت قيمة الميراث وارتقت باهتماماتها عن القعود واللغو وتتبع العورات.
الأرحام تحتاج وصل مربوط بقيمة عليا، الوصل لوجه الله، هنا المربط.
kholoudalkhames@