أهدي المقال إلى العقول التي لاتزال قابضة على الأقلام بيد واثقة، والتي تملأ الورق بما ينضح فكرها رغم المنع والحجب والدخول خصما مع الفكرة لقمع نشرها من الجهات الرقابية الرسمية، وأعجب من هذا ولكن ليس مقامه هنا.
المقام لأصحاب الهمم الرفيعة، والقدرات البارز ما وضع من جهد لتطويرها، والنضال الفكري بالمجازفة في طباعة المخطوط الحامل لفيض تلك العقول اليافعة التي لم تعرف بعد أن ما تقوم به أعظم بكثير من أن يمنع وأن معارض الكتب ليست إلا خادمة لأحبارهم، وذلك النضال مقرون بشك في تصريح النشر، أو الفسح كما يطلقون عليه، فلهؤلاء ترفع القبعات تقديرا.
دور للنشر لفتيات وفتيان يافعين، اتخذوا من الكتب وظيفة بعد أن تملكتهم الهواية، جيد ما فعلوا فبوجود دعم من الدولة للمشاريع الصغيرة وكذلك المتناهية الصغر، ودعم مادي للعمالة الوطنية لرفع سقف دخلهم الشهري، مع إمكان التسجيل في مؤسسة التأمينات الاجتماعية، لا حجة لمن كان جادا في تحويل هوايته إلى أعمال «بزنس» واعتبارها مهنته.
قبل التسعينيات لم نحظ بكل تلك التسهيلات والمميزات، وأذكر أنني كنت أتمنى أن أنشئ مكتبة في «فريجنا» في منطقة اليرموك وأجمع فيها السكان، وكانوا آنذاك قليلين جدا، وتمنيت أن أؤسس جلسات قراءة حميمة عبر مجاميع للقراءة ولكل عمر مجموعة ويوم، وأن يكون هذا العمل باب رزقي ومائي وخبزي، ولكن أسطورة الرياح والسفن ترافق الفكرة الجديدة خصوصا إن كانت من فتاة، فلم أحقق حلمي.
عندما عدت من أميركا في 2001 كبر الحلم، سعيت لتأسيس مكتبة مثل «بارنز أند نوبل» وبكل جدية طرقت أبواب المستثمرين بدراسة الجدوى الاقتصادية وأن المشروع لكونه ثقافيا فأرباحه لا تنافس المشاريع الاستثمارية الأخرى، وممكن أن تكون ميزانيته ضمن بند المسؤولية الاجتماعية، ولم يكن أحد في الكويت يعرف ما هي المسؤولية الاجتماعية، في حين اليوم في كل مؤسسة وشركة وحتى أجهزة الدولة هناك إدارة أو قسم للمسؤولية الاجتماعية، ولكن عندما يعاني أصحاب رأس المال من قصر النظر لا يملك صاحب الفكرة إلا أن «يندقر»!
لم يستثمر أحد وكرروا جميعهم، وكأن بينهم توارد خواطر، أن مشروع الـ «بووك بزنس» لا يحقق الثراء أو يمول نفسه وأغلبها مشاريع متعثرة.
عن نفسي لا أثق بدقة المعلومة أعلاه كعذر، فكثير من المكتبات ودور النشر والتوزيع ناجحة ومدرة للأرباح، فقط تتطلب الخبرة وحسن الإدارة والإخلاص في العمل.
في معرض الكتاب رأيت كويتيات وكويتيين يقفون في أجنحة دور نشر خاصة بهم، هم الملاك هم الكتاب والناشرون والموزعون، هم الذين كنت آنذاك أتمنى أن يكونوا نتاج مكتبتي الصغيرة «مكتبة فريجنا» في اليرموك، حيث بعد التثقيف والقراءة تنطلق الصفوة التي لها جلد وصبر على القراءة والكتابة وتقود جيلا يغير مفاهيم الثقافة للأفضل على المستوى النوعي والوعي.
فرحت جدا جدا، وتذكرت حلمي من «مكتبة فريجنا» إلى «بارنز أند نوبل» وقلت لنفسي: لا تعلمين، لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا.
@kholoudalkhames