لدي صاحبة كثيراً ما تحثني على الكتابة بعيداً عن الأحداث السلبية، يا عزيزتي، أأجلب حكايا السعادة المستديمة من بئر جدتي المردوم؟! أنا أكتب عن الحياة، الواقع اليومي للبشر، اهتمامات الناس، ما يمس خبزهم، أكتب عن الكبَد الذي خلق فيه الإنسان وكيفية التعايش معه، وليس من شأننا بث الخيال والتسويق للأحلام والتي منذ بدأت موجة «السوشيال ميديا» وبالذات مع تطبيقي «انستغرام وسناب شات» صار الترويج لها بأنها حقيقة العيش ومن لا يملكها فيه خلل!
يا أخيتي.. إن «التخدير العام» للناس بأن الحياة كلها ألوان قوس قزح من عمل المهرجين لا الكتاب والمثقفين.
تمنيت معكِ لو كنا في عالم فاضل حيث يعيش الإنسان متوقعاً أن يأتيه الخير من كل جانب، ولكننا في عالم مقبسه مفصول عن التفاعل مع ما يهم البشرية ويتم تركيبه انتقاءً ولذلك ثمن، وبقيت مجموعة منا تكافح «فارحمينا» من وصفك لنا بالسلبيين.
انظري للجملة: «الخير يخص والشر يعم» مقولة أبغضها ولكنها صارت ثابتة نستطيع تعليقها كعنوان فوق ورقة صغيرة ونركزها بدبوس فوق كل حدث يمر علينا من فرط من أحسنا بهم الظن وأسقطونا بذات الجحر مراراً وتكرارا.
يا صاحبتي! جزء من الواقع الإيجابي برأيي أنني أكتب هذه السطور وحرارتي تتأرجح بين تسع وثلاثين وثمان وثلاثين وترفض أن تستمع لخافض الحرارة الدوائي وكمادات الثلج العلاج البدائي، وإن انخفضت عادت واشتعلت، الكتابة عمل جيد، إيجابي، ولكنه يخرج بين معاناة إنسانية، علينا التعامل مع معطيات الحياة قدر الإمكان دون المبالغة في التمثيل بأن كل شيء على ما يرام، فهو ليس كذلك ولن يكون إلا في «دار السلام».
نحن أيتها الصديقة الساعية لنشر الإيجابية نعيش في الأفران التي تسوي الحديد وقد اعتدنا على الوسائل المؤلمة للصقل، واعذريني إن اضطررت لمشاركة القراء القصص التي ترينها سلبية وقد تزعج المتلقي، ولكنها الحياة بكل تناقضاتها تلزمنا أن نعرضها مثل الغسيل بلا مكواة «مكرمش»!
ولكن أتعلمين؟ سأسعدك «كامرأة» بخبر إيجابي: قرأت أن محامية «جدعة» فازت بحكم قضائي لامرأة ضد طليقها يقضي بأن يدفع لها ما يلي: 1000 دينار استقدام خادمة وأجرتها الشهرية 120 دينارا، و400 لاستقدام سائق و80 دينارا أجرته شهرياً، و5000 قيمة سيارة، هل تعلمين يا «إيجابية» أن أغلب التعليقات على هذا الخبر وبعضها من النساء كانت متعاطفة مع الرجل؟! مع أن الحكم لم يحدد نفقة شهرية للمرأة كحاضنة وهذا في رأيي في أهمية الخادمة والسائق والسيارة، أو أن هناك حكماً ولكنهم لم ينشروه، منهج الاجتزاء للخبر والانتقاء في النشر!
الذي أريد أن أقوله لك يا صاحبة الطريق، هو أننا حتى في الأخـبـار الإيجابية نعلق سلبياً، ومتلازمة «الخير يخص والشر يعم» يبدو أنها باقية وتتمدد!
kholoudalkhames@