وكأنهم ليسوا ببشر «العمالة السائبة» يطلقون عليهم! وهذا لأن ليس لهم صاحب، ومؤسف أن نقول «صاحب» لأنه وصف مالك الحيوان، لكن للأسف الإنسانية لدينا تنتحب بين قوانين موضوعة بجودة عالية وتنفيذ يقف عند أبواب المتنفذين «ويطق تحية» وينسحب!
«الصاحب» أو الكفيل يأخذ مبالغ مالية لاستجلاب عمالة ويتركها تسرح في الكويت لتبحث عن عمل، قد تجده أو لا تجده، ثم يأخذ مبالغ أخرى لتجديد الإقامة، وهذا الفقير مازال يصارع الحياة بين العمل واللاعمل، ثم يحلب الكفيل هذا الفقير حتى يجف عرقه!
والعامل الذي اقترض من «طوب الأرض» في موطنه ليجد إذن عمل في الكويت ويظنها أرض المعاد، فيفاجأ بشركة تحرمه من راتبه شهورا، وبزميل يموت بسبب ضربة شمس وحيدا إلا من ذوي الشفاة الممزقة مثله، وبسكن غير صالح للاستهلاك الآدمي، ويعلق في الغربة فلا هو قادر على سداد دينه في بلده ليعود، ولا الجبايات التي يحصلها منه كفيله، فكأنه ينتظر الموت ببطء.
هذا الخلل جزء من حالة الترهل التي تعاني منها الإدارة التنفيذية، حيث وجود القوانين والتشريعات، في حين أن التنفيذ جسد منزوع الروح، ومحنط!
قضية «العمالة المظلومة» التي استهدفها جشع الكفلاء، فرادى كانوا أو شركات، هي قضية إنسانية من الدرجة الأولى، الحياة الكريمة من أساسيات حقوق البشر، فإن لم تستطع أن تتبع قوانين بلدك وتستجلب العمالة بعقود ورواتب حقيقية وتسلمها عبر إيداعات مثبتة في البنوك، فلا تدخل في هذا «البزنس»، واكتف بما يدر عليك الأموال بعيدا عن الإتجار بالناس!
أما من لا يهتم بالإنسان، وبالذات الفقراء، ويراهم أقل درجة، ومن حلقه اتسع من الصراخ: الكويت خط أحمر «ونزع الوطنية من كل الشعب وبقيت له ولحفنة أمثاله، نقول: «هذه قضية أمن وطني وحلها يندرج تحت حب الكويت، ورنا مراجلك مو بلعومك»!
مهزلة بكل المقاييس أن تلتف على القانون بالقانون ولا يقدر أن يحاسبك القانون لأنك فوق القانون!
والله هذه ليست بكويتنا، وهذه ليست بأخلاقيات تقرها الكويت، الدولة التي احتضنت كل محتاج وفتحت أبوابها للسائل والمهاجر، ولا استعباد البشر دين أهلها، وحتى لو برر البعض بردود معلّبة فقد صارت بائتة وبلا نكهة وأفسدتها المواد الحافظة!
الكويتيون لا يقبلون بأن يكون وطنهم مرتعا لجاهلية تقسم البشر أسيادا وعبيدا، فقد جاء ديننا لتحرير الإنسان واحترامه ومساواته بنظيره والدفاع عن حقوقه في المعيشة وحفظت له كرامته وكفلت له العمل والتجارة والكسب المشروع، فلا يزايد أحد على شريعتنا ولينظر من بيدهم الحل والعقد لأسباب وجذور المشكلة «ويحلوها» كيف كان بعيدا عن الظلم.
نذكرهم بالدين فيستهزئون بندرة القابضين على الجمر!
الكويت تستحق أن يخرج كم قابض على الجمر ليخرج وطنه مما هو فيه ولو احترقت كفاه.
@kholoudalkhames