بات من الضروري والملح أن يكون هناك حوار وطني بناء بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، فيكفينا هذا التأزيم، الذي ربما يؤدي المزيد منه إلى التراجع في مختلف المجالات، وهذا ما لا نريده لبلدنا الحبيب الكويت، حيث إن التأزم بيئة مناسبة للصراعات والعداءات، وعدم الوصول إلى رؤية واضحة تدفع البلد إلى التنمية.
فمن وجهة نظري، أرى أن المسألة لا تحتاج إلى تأزيم وتعنت وإصرار على المطالب، وتحديات بين الجهتين، بقدر ما هي بحاجة إلى الجلوس على طاولة واحدة ومناقشة القضايا المطروحة، للوصول إلى صيغ توافقية، تخدم المجتمع الكويتي، ولا تؤخر مصالحه.
إن الكويت أحق بأن يجري فيها أعضاء المجلسين (التنفيذي والتشريعي) حوارا عماده الثقة، وأرضيته التسامح والاستماع إلى الآراء كافة، ومناقشتها في جو هادئ.
لذا فإنني أطمح إلى حوار وطني بناء، لأننا نريد أن نحافظ على الكويت، بكل ما تحمله من تاريخ وأدوار مشرفة، في مختلف ميادين الحياة.
فلو نظرنا إلى المجال الثقافة فسنجد أن الكويت احتلت مكانة متميزة تاريخا، من خلال ما قدمه أبناؤها من أدوار بناءة ومشهودة في هذا الشأن المهم، كما كان لها الريادة الحقيقية في إصدار الكتب، والمجالات المتخصصة، والتجديد في مختلف صنوف الأدب والمعرفة، ولنا في مجلة العربي العريقة خير مثال على ذلك، بالإضافة إلى المجلات المتخصصة التي لاتزال تمارس دورها الريادي، سواء الصادرة من جامعة الكويت أو المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.
كما أن للكويت موقعها المتميز في المجالات الفنية، وكذلك الاقتصادية، والاجتماعية، بالإضافة إلى ما تتمتع به من دور ريادي في مجال العمل الخيري، والذي يشهد له العالم باتساعه وقدرته على إغاثة كل محتاج في أي بقعة على الأرض.
وفي المجال السياسي، فإن الكويت احتلت الصدارة، خصوصا خلال الأيام القليلة الماضية، حينما لعبت دورا كبيرا في المصالحة الخليجية، ومن ثم تمكنها من رأب الصدع بين الأشقاء.
كذلك دورها الثابت إزاء القضية الفلسطينية، ورفضها التطبيع، وهذا أمر غاية في الأهمية، بالإضافة إلى رفضها «صفقة القرن»، وتأكيدها أن ملف هذه الصفقة مكانه مزبلة التاريخ.
إن الكويت بفضل كل ذلك عاشت - وستعيش - مرفوعة الهامة، ومحفوفة بالتسامح والحب والسلام والمساواة والعدل والحرية التي لا تتعارض مع قيمنا وعاداتنا، وهذا الأمر يشعر به كل مقيم على هذه الأرض الطيبة، وكل ذلك موجود في دستور الكويت، الذي يعد من أرقى الدساتير في العالم.
لذا فإن المطلوب من المسؤولين في البلد، الدعوة في كل وقت وحين، إلى حوار وطني، تكون فيه الكويت هي الأساس، مع الابتعاد عن كل ما يتعلق بالمصالح الشخصية الفانية، وتبادل الاتهامات.
والأهم من كل ذلك مطاردة المواقع الإلكترونية، التي تؤجج الفتن من خلال ترويج الإشاعات، وتقديم أصحابها للمحاكمة، كما أتمنى من المجتمع الكويتي بكل فئاته، تجاهل مثل هذه المواقع وعدم الانجرار وراء أهدافها التخريبية، والتبليغ عنها لدى الجهات القضائية المختصة.
إننا نريد أن تظل الكويت بلدا للتسامح ونبذ الخلافات، وتبادل وجهات النظر، وهذا سيحدث من خلال حوار وطني بناء، يشارك فيه كل فئات المجتمع وبدعم من المسؤولين، وأهل الرأي والحكمة.