يحق للكويت أن تفتخر بابنتها الفاضلة نعيمة عبدالرحمن الشايجي، وأن تباهي بها العالم بأسره، بفضل ما قدمته - ولاتزال - من إنجازات مهمة وجادة في مختلف ميادين الحياة.
إنها امرأة كويتية بذلت الجهد والوقت، من أجل أن تكون مسيرتها العلمية والعملية والثقافية والاجتماعية في متناول بلدها، إمعانا في تكريس التطور والإنجاز، والتأكيد على ما تحتله الكويت من مكانة بارزة وسط الأمم نتيجة للسعي الحثيث المستمر لأبنائها البررة النابهين.
هذا الجهد صراحة يستحق الالتفات إليه من قبل المؤسسات الرسمية مثل المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب من أجل تكريمها، والمبادرة في منحها إحدى جوائز الدولة، فنعيمة الشايجي منكرة لذاتها ولا تسعى إلى الجوائز والتكريم، لكن الجــائزة متـــى ما منحت لمثل هذه الشخصية الناجحة فستكون حافزا لها ولغيرها من النابغات على مواصلة العمل والإحساس بأن الجهات المعنية تقدرهن.
أقول ما تقدم... وأنا على علم ودراية بالمسيرة العلمية للشايجي، التي لم تتوقف البتة لدرجة إنكار الذات، نعم إنها أنكرت ذاتها وهي تصارع من أجل بلدها وتتحدى الصعاب في سبيل أن تضع الوطن في بؤرة الضوء، وأن تطور وتنجز في كل موقع عملت فيه من دون كلل أو ملل.
نعم أعرف الشايجي وأفهم كل ما تتطلع إليه، وما ترغب في تحقيقه للكويت، وفي المقابل كنت على علم بكل ما تواجهه من تحديات، إلا أنني كنت على يقين بأن تلك التحديات ستزيدها إصرارا على خدمة بلدها الكويت وتطويع أفكارها وخبراتها من أجل ترسيخ دعائم التطور والبناء.
ومن الجميل والمفرح لي أن الشايجي أهدتني نسخة من كتابها الأخير الذي وثقت فيه بعضا من مسيرتها المهنية والعلمية، وأعطت له عنوانا لافتا: «في طريقي إلى الأمم المتحدة... وقفات في مرفأ ذكرياتي»، والكتاب - الذي يعد من أدبيات السيرة الذاتية - صدر في طبعة رشيقة عن منشورات «ذات السلاسل» في الكويت، وفي حقيقة الأمر لم يهدأ لي بال إلا عندما انتهيت من قراءة كل صفحاته.
وقد تابعت بشغف وحب تلك المسيرة التي استغرقت الشايجي عمرا مديدا كي تؤصلها عبر المؤسسات التي عملت فيها محليا ودوليا، والإنجازات الملهمة التي حققتها، وهي إنجازات لا يمكن القيام بها إلا من خلال عقل متفتح بالثقافة والمعرفة والعلم وقلب محب للوطن.
كما تابعت ما قامت به الشايجي من أعمال تخطت الحدود المحلية إلى الآفاق الدولية، وكم كنت فخورة وأنا أقرأ عبر سطور الكتاب تلك المهام التي تحملتها الشايجي خلال خدمتها الكويت في تلك المحافل الدولية.
بدأت الشايجي كتابها بالحديث عن الطفولة والدراسة والجو العائلي الذي أهلها نفسيا لتعطي بلا مقابل، كما أظهرت تقديرها للتعليم في البحرين، وحبها لهذا البلد الخليجي الشقيق، فيما أشارت إلى قضايا تتعلق بالبيئة ومساهمتها بشكل كبير في وضع الحلول المناسبة لها والصعوبات التي حالت دون تعيينها في منصب وكل وزارة مساعد، وتجربتها في وزارة التخطيط، ودورها في الصندوق الدولي للتنمية الزراعية «إيفاد»، والمنظمات ذات العلاقة.
وقرأت بسعادة تعاونها مع الأمم المتحدة في برنامجين أحدهما إنمائي والآخر بيئي، وجولاتها العالمية لما يقارب 60 بلدا بين الإقامة الطويلة والقصيرة، ومن تلك الدول البحرين وبريطانيا وأميركا وإيطاليا، ومدن مثل نيروبي ونيويورك وچنيف وفيينا وحلب ولاهاي وكولومبو، وغيرها.
وحينما يتعلق الأمر بشؤون المرأة سنجد أن الشايجي كان لها دور بارز ومثمر في هذا الاتجاه، وهذا الأمر ليس مقتصرا على المحلي فقط بل الدولي ومؤسسات المجتمع المدني.
وقد أفردت الشايجي فصلا في كتابها لمأساة الاحتلال العراقي الغاشم على بلدنا الحبيب الكويت، ومن ثم تحدثت عن الأعمال التطوعية التي قامت بها خلال هذه الفترة، وكذلك تعيينها كأول امرأة في منصب مستشارة أولى في معهد الكويت للأبحاث العلمية، بالإضافة إلى مناصب مهمة حصلت عليها الشايجي، وأدوار كبيرة قامت بها من أجل بلدها الكويت، للأسف لم تتسع المساحة لذكرها.
لكن يبقى أن كتاب الشايجي الأخير هو من أهم الكتب التي أنصح الجميع - خصوصا الشباب والفتيات - بقراءته، من أجل التزود بمخزونه المهم من الثقافة والمعرفة، والاطلاع على مسيرة حافلة بالمنجزات.