تتمتع تجربة الروائي والقاص السعودي محمد المزيني، بالكثير من المقومات، التي يعتبرها النقاد، ذات ميول حداثية، وتطلعات مستقبلية، ومنهج أدبي يتميز بالتفوق في محيطه المحلي والخليجي، بفضل ما تحمله من رؤى ذات أبعاد واقعية ممزوجة بالخيال، ومزدانة بالرمز.
فهو من العلامات البارزة في مجالات السرد الروائي والقصصي المعاصر، خلال المحافظة على القيمة الحقيقية للكتابة، وروح اللغة والخيال.
وفي حقيقة الأمر فإن المتابع لأعمال المزيني الأدبية السردية، سواء في مجال الرواية أو القصة القصيرة، سيجد أن ثمة تجديدا، يحرص عليه، من أجل الوصول إلى مستويات راقية من الكتابة، تلك التي صنعت منه قامة أدبية مهمة في المجتمع السعودي، بل الخليجي والعربي.
ولم تقتصر تجربة المزيني على التعاطي مع الأدب، فقد انتهج الصحافة في مقتبل حياته، وكانت له صولات وجولات فيها، كما أنه حرص على تحويل بعض كتاباته إلى أعمال درامية، شارك فيها نخبة من الفنانين، علاوة على مشاركاته العديدة في المنتديات والمهرجانات داخل المملكة وخارجها، وحصوله على جوائز عدة.
وصدر للمزيني في مجال الروايات، «مفارق العتمة» عام 2004، والتي تعد من الأعمال الروائية العميقة بطابعها الإنساني المتميز، ثم أصدر عام 2006 «عرق بلدي»، والتي تهتم بالرؤى المتعلقة بحب الوطن والانتماء له، ثم «إكليل الخلاص» عام 2008، كما أصدر ثلاثية ضرب الرمل «النزوح، الكدح، الدنس»، خلال فترات مقاربة حتى عام 2010، ثم عرض له مسلسل درامي في عام 2020 على محطة SBC الفضائية، لعمله ثلاثية «ضرب الرمل»، تناول التغيرات التي طرأت على المجتمع السعودي خلال ثلاثة عقود مضت، والمسلسل من بطولة ريتا حرب، والفنان خالد عبدالرحمن، وليلى السلمان، ومن إخراج ماجد الربيعان، ومخرج منفذ تامر الشيخ.
وللمزيني مجموعات قصصية منها «سر الخطايا» صدرت عام 2011، و«كل ما هناك» عام 2017، بالإضافة إلى كتابته لسيناريوهات بعض الأعمال منها: «النقل البحري»، و«المياه»، ومسلسل «حب الرمان» الإذاعي عام 2019.
إنها تجربة ثرية، تلك التي خصها المزيني للإبداع في أجمل تجلياته، وأفضل صوره، وكان حرصه شديدا في أن تتضمن تداعيات إنسانية ووطنية واجتماعية عديدة، برؤية متشعبة، وذات خصوصية واضحة، حيث إن المزيني استطاع خلال هذا النتاج الأدبي الطويل، أن يؤسس لنفسه مزاجا أدبيا خاصا، جعل من أعماله حالات متفردة في التنوع والحضور.
وبالتالي، فإن الساحة الإبداعية السعودية والخليجية والعربية، قد ازدانت وتوهجت بما قدمه المزيني لها من إصدارات في الرواية والقصة القصيرة، بالإضافة إلى الأعمال الدرامية الأخرى، وهذا الأمر مدعاة للثقة في أن الإبداع السعودي لها مكانته الكبيرة على الساحة العربية، بفضل هؤلاء المبدعين الذين يحافظون على القيمة، مبتعدين عن التسطيح الذي تشهده مختلف الكتابات التي تطالعنا بها مواقع التواصل الاجتماعي ولا تمت للأدب بصلة، فهي عبارة عن إرهاصات مفتعلة، لا علاقة لها بالإبداع بكل أشكاله.