إن تجارة الاستيراد مقابل العمولة «القومسيون» ازدهرت في الكويت مع بدايات القرن الماضي، وهي كلمة تعني التجارة بالعمولة، معربة ومشتقة من الكلمة الانجليزية «كومشن».
وفي منتصف السبعينيات اشتهرت هذه الكلمة في المسلسل الكوميدى «درب الزلق»، عندما قال الفنان القدير المرحوم علي المفيدي «قحطة» للفنان القدير المرحوم عبدالحسين عبدالرضا بـ«تجارة عامة وقومسيون وهو سام الناس الملعون».
والكلمة الشهيرة أيضا للفنان القدير سعد الفرج الله يطول بعمرة «هل كيف يصير غش بالتجارة».
المسلسل الخالد له إسقاطات كثيرة وكأنه يحاكي وضعنا الحالي، وسوف نسلط الضوء في مقالتنا اليوم عن كلمة «قومسيون» وتأثيرها على التاجر بشكل أساسي كونه تاجرا وكسبه حلال شرعا من التجارة.
وهنا نريد التفرقة بين «القومسيون» الشرعي و«القومسيونجي» المتشرعن، حتى نبين للناس أن هناك اشتباها في ذاكرة البشر وصولا الى الشرعنة لنفسه حتى إن تمت تسميته «بالقومسيونجي» جوازا.
أيها «القومسيونجي» الذي سعيت في الأرض فسادا أصبح مصيرك عظيما، لقوله تعالى: (.. ولهم في الآخرة عذاب عظيم).
إن الكلام عن الفساد كثير، ولكن سؤالنا هنا لماذا يتقن ويتفنن به في بلداننا العربية بشكل عام عبر «القومسيون»، علما بأن جميع التشريعات السماوية والقوانين الوضعية تحثنا دائما على النهي عن الفساد والحد منه، حتى يذكرنا الله تعالى في كتابه العزيز (.. والله لا يحب الفساد)، أما في الدول الاخرى فقد لا نرى أو نسمع أن الفساد منتشر كثيرا كما هو عندنا.
لا شك أن العيب ليس في الدين، ولكن السبب في مفهوم البعض، وما يوجد باطن الأمور الشرعية من فتاوى أو ثقافات عامة للشعوب وشرعنة ما حرم الله به، بكل أمانة إن ما هو ليس لك فلا يمكن أن يكون لك الا إذا كان حق مكتسب والسعي إليه.
إن هناك أوجها كثيرة أفقدتنا الثقة في تعامل البشر حاليا، وأن الفاسد في السابق كان معروفا في سلوكه الظاهري، مما كان يعكس عليه ويسهل علينا معرفته ونتحاشى التعامل معه، الى أن التبس مفهوم الشكل الديني لدينا بمظاهر التدين وكلما قمت بارتداء اللبس الديني اكثر فأنت مشكوك فيك أكثر، فالمظاهر الدينية بدأت تأخذنا الى الشك والريبة في التعامل مع البعض، وطبعا هذا لا ينطبق على الجميع ولكن للأسف اصبحت ظاهرة!
فالقومسيونجي اصبح أمرا خطيرا على المجتمع في وضعنا الحالي ويجب وأده، ونرى أن ظاهرة «القومسيونجي» اصبحت مستشرية في كثير من القطاعات الحكومية والخاصة.
وان «القومسيونجي» دائما اساليبه قد تكاد إما بالحيلة أو بالاستغلال والتعسف في استخدام السلطة.
ونلخص كلامنا هنا بالقول: بارك الله في «تجارة عامة وقوميسون» وتبا للقومسيونجي.
[email protected]