قرأنا عبر وسائل التواصل الاجتماعي المتعددة، عما يقارب ألف استقالة للمعلمين الوافدين «أساتذة الكافيه»، وجاء هذا الضرب في الوقت والمكان المناسبين بمعنى «ليّ ذراع» مما يجعلنا حذرين من هذا الموقف الذي يهدد الأمن الوطني! وقاعدة «نيوتن» تقول «لكل فعل رد فعل مساو له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه».
عندما نتحدث عن هذه القاعدة التي أطلقها «إسحاق نيوتن» لابد أن يسبقها تخطيط ناجح، من «حلقات الجودة» كما يسميها اليابانيون، التي تضم أهل الحل والعقد، يناقشون فيها تحسين العمل وكشف المشاكل وتحليلها، واقتراح الحلول المناسبة للقضاء عليها بفكر وابتكار والمثل الشعبي يقول«جهز الدوا قبل الفلعة».
وماضينا الجميل لا يعرف مصطلح «المدرس الخصوصي»، وكانوا يعتزون بأساتذتهم وروعة تدريسهم، لما لهم من سعة الأفق والطرح، وفي محاضراتهم نستشعر فيهم «بسيبويه أو إسحاق نيوتن أو ابن ماجد أوالخوارزمي..الخ» وذلك لسعة فهمهم وتأصيلا للمعرفة.
فالتعليم من اهم القيم التي تنقل المجتمع من حالة التخلف والانحطاط إلى حالة التقدم والازدهار، مما يعكس ذلك على «الأمن الوطني»، والدروس الخصوصية هي الغاية المرجوة والهدف المنشود «لأساتذة الكافيه»، حتى وصل الأمر باختيار فخفخة أماكن التدريس «الكافيهات» والفاتورة على الطالب وناهيك عن سعر الحصة، وهذا ما شاهدناه في أحد الكافيهات حيث امتنع الطلبة عن دفع فاتورة الكافيه لمدرسهم ما أدى إلى ارتفاع الأصوات بينهم، ويخبرني أحد الزملاء بأن أحد المدرسين يطلب توفير شراب النسكافيه 3×1 أثناء التدريس.
إن «أساتذة الكافيه» لهم مقولة مشهورة «الشغل يبدأ بعد الظهر، والصبح معاش»، لم يراعوا الأمانة العلمية حقها، وترويجهم للدروس الخصوصية هو الهدف، والمراجعة على أسئلة باهتة «مشّ حالك» وليس على فهم ومنظور علمي، والنجاح مضمون إذا كان هو معلم الفصل، فمن هنا يخرج لنا جيل أمي الفكر والثقافة، والمجتمع الذي لا يبنى على العلم هو مجتمع متجه للسقوط حتما.
فالأزمة العلمية عقبة رئيسية في طريق التنمية، ويتطلب التصدي لها الاعتماد على قاعدة معرفية متطورة ووعي من صانعي القرار، والاستعانة بأهل البلد من المتقاعدين فهم رهن الإشارة، والخريجون من أبنائنا كثيرون بمختلف تخصصاتهم، ينتظرون الفرج بتسلم مهامهم التعليمية، والمثل يقول «دهنا في مكبتنا».
فنوصي إلى من بيده القرار، بضرورة الإبعاد الفوري لمن قدموا استقالاتهم خارج البلاد، وعدم تحويل إقامتهم، وأساتذة الكافيه هم من دمروا التعليم، ومن هنا طبقنا قاعدة نيوتن بحذافيرها، وقضينا على الدروس الخصوصية، وأنقذنا تعليمنا وكوتناه ليُخرج لنا جيلا صاعدا واعدا.
وأختم «زاويتنا» بقول شاعر المهجر جبران خليل جبران «يقوم الوطن على كاهل ثلاثة: فلاح يغذيه وجندي يحميه ومعلم يربيه».. ودمتم ودام الوطن.
قال أبو العتاهية:
وخير الكلام قليل الحروف
كثير القطوف بليغ الأثر