إن تحقيق التوازن السكاني بين المواطنين والمقيمين يحقق لنا مزيدا من الأمن والأمان والاستقرار، وإن ارتفاع نسبة الوافدين الذين يتحدثون بلغات مختلفة هو التهديد الصريح للهوية الوطنية سواء كان اجتماعيا أو ثقافيا أو صحيا أو أمنيا.. إلخ.
وأنا أكتب عن هذه المعضلة البركانية «التركيبة السكانية» تذكرت منذ زمن في قراءة كتاب «التحفة السنية بشرح المقدمة الآجرومية» في علم النحو، فذكر من أسباب وضع قواعد علم النحو هو توسع الفتوحات الإسلامية واختلاط اللسان العربي بالأعاجم، وإن ثمرة تعلمه هو صيانة اللسان عن الخطأ في الكلام العربي، وفهم القرآن الكريم والحديث النبوي فهما صحيحا.
وقد ورد عن كثير من سلفنا الصالح: أنهم كانوا يضربون أولادهم على اللحن، واللحن كما يقول ابن فارس: «إمالة الكلام عن جهته الصحيحة في العربية» وسببه «التركيبة السكانية» التي تغير مفهوم الثقافة، وذلك باجتماع الألسنة المتفرقة، واللغات المختلفة، ففشا الفساد في اللغة العربية، وهذا كله في القرون الأولى للحفاظ على اللسان العربي.
ولكن أين نحن من الحفاظ على مفرداتنا الاجتماعية الجميلة التي يتكلم بها أهل «القبلة والشرق والمرقاب والقصور»، حيث كنا نستمتع بها في مشاهدتنا للمسلسل التاريخي «درب الزلق» الذي جمع مفرداتنا الاجتماعية الكويتية بلون كل فنان، والآن بدأت تندثر، فالشكر موصول كل من قام بحفظها وتدوينها.
٭ إذن: ما وجه الشبه في مقدمتنا لعلم النحو ومفرداتنا الاجتماعية وعلاقتهما «بالتركيبة السكانية»؟
الإجابة: إن من أسباب تغير مفرداتنا الاجتماعية الحالية، هي نفس أسباب القرون الأولى باجتماع الألسنة المتفرقة، وما يعرف اليوم «بالتركيبة السكانية» في البلاد، التي بادت تؤثر على ثقافتنا الاجتماعية ومهددة بأمنه واستقراره، حيث إنها القنبلة الموقوتة إذا لم نتدارك سلبياتها، ونحقق «التوازن السكاني» لها.
فخلل «التركيبة السكانية» وسيلة لشروع الجرائم، ووكر لترويج المخدرات ومختلف المنكرات، ومهددة للأمن البيئي والممتلكات، والإخلال بالأمن، والعبء الكبير على الأمن العام والنظم الصحية والصحة العامة من الأمراض السارية، وهي مأوى للإشاعات وأداة للفتنة وشيوع للفوضى، وقد تشكل منها منظمات للجريمة في مختلف أنواعها، التي تؤثر على الأمن المجتمعي، وتهدد الأمن الوطني.
فإذا كان أئمة النحو واللغة قد نجحوا منذ زمن بعيد في وضع إستراتيجياتهم للحفاظ على قواعد اللغة العربية وتثبيتها بسبب «التركيبة السكانية»، فينبغي علينا اليوم إدراك هذا التهديد السكاني بمختلف أنواعه، ووضع الإستراتيجيات اللازمة، لاستقرار هويتنا الوطنية، فإنها الضمان الحقيقي لسلامة المجتمع من كافة الأخطار.
ونختم «زاويتنا» بقول المفكر والمؤرخ الأردني د.ماجد عرسان الكيلاني رحمه الله: «الطفل الذي يعيش في أجواء الأمن يتعلم الثقة بالنفس».. ودمتم ودام الوطن.
قال أبو العتاهية:
وخير الكلام قليل الحروف
كثير القطوف بليغ الأثر
٭ شكر وتقدير: أتقدم بالشكر والتقدير إلى مدير إدارة مراكز خدمة محافظة الجهراء العقيد خالد مرزوق الدلوم، ومساعد مدير إدارة مراكز خدمة محافظة الجهراء العقيد أحمد الطيب العوضي، على جهدهما المميز في تكريس جودة الخدمة وحسن الإدارة، وتسيير وتسهيل عجلة العمل والمعاملات، ودعاء إلى الله عز وجل، أن يبارك لهما، ودمتما ذخرا للوطن.