يحكى أن الأمير بشير الشهابي (أحد أشهر الأمراء في تاريخ لبنان وبلاد الشام عموما.. من آل شهاب، الذين حكموا المنطقة منذ سنة 1697م حتى 1842) قال لخادمه يوما: نفسي تشتهي أكلة باذنجان.
فقال الخادم: بارك الله في الباذنجان، هو سيد المأكولات، لحم بلا شحم، وسمك بلا حسك، يؤكل مقليا ومشويا ومحشيا، وراح الخادم يعدد في فوائده، حتى اندهش الأمير من «براعة الوصف»! وكانت المفاجأة التي لم يحسب لها الخادم الباذنجانى أي حساب، إذ قال الأمير بشير: ولكني أكلت منه قبل أيام، فنالني منه ألم في معدتي.
فقال الخادم: لعنة الله على الباذنجان: إنه ثقيل، غليظ، نفاخ، أسود الوجه.. وهنا قال له الأمير: ويحك! تمدح الشيء، وتذمه في وقت واحد؟!
فقال الخادم: يا مولاي أنا خادم للأمير، ولست خادما للباذنجان، إذا قال الأمير: نعم، قلت «نعم»، وإذا قال: لا قلت «لا».
الباذنجانيون أو ما يسمى بـ«حملة المباخر» ثقافة تدمر الأوطان تجدهم في كل مؤسسة خاصة مع تغيير الإدارات، انهم دعاة التصفيق والتطبيل كي يحوزوا على المكاسب والرضا، يجعلون بين الرئيس والمرؤوسين سدا منيعا، فهم معول هدم وعقول فارغة وإدارة سقيمة، فبقربهم من صناع القرار يقتلون كل إبداع، يأكلون مع كل ذئب ويبكون مع كل راع، حديثهم شيء وحقيقتهم شيء آخر.
يقول الدكتور ياسر مكي «ما أقبح أناس باطنهم عليل وظاهرهم جميل، فهذا هو حالهم أمس واليوم وغدا، ولكنهم مهما ارتفعوا سيبقوا في ظلمات الأنفاق، سيظلون كالأفاعي ألسنتهم تسر وقلوبهم تضر، قولهم كثير وعملهم قليل، خدام لكل الأسياد موجودين في كل مكان بأقنعة زائفة وابتسامات باهتة انتهجوا الغش والزيف طريقا إلى القمة، المجتمع الذي يسود فيه هؤلاء يكون مجتمعا ضعيفا ومفككا يفتقر الوئام والحب والثقة بين أفراده».
ويروى أن الخليفة العباسي (المتوكل) رمى يوما طائرا بسهم فلم يصبه، فقال له الوزير: أحسنت يا أمير المؤمنين، فنظر له المتوكل شررا وقال: أتستهزئ بي. فارتعد الوزير خوفا وقال: فقد أحسنت إلى الطائر يا مولاي حين تركت فرصة له للحياة.
(إذن) الضمير نادر لا تجده في كل إنسان، فشاهد حولك ودقق.. كم باذنجاني أو من (حملة المباخر) يمدح تصرفاتك وهو لم يفهمك!
ونختم (زاويتنا) بالمثل الإسباني «إذا صفقوا لك فلا تفتخر أبدا، حتى تعرف من يصفق».. ودمتم ودام الوطن.
٭ تهنئة: نهنئ الكويت، ونبارك لزميلنا الإستراتيجي والرياضي العقيد الركن المتقاعد عبدالرحمن الزامل على ما حققه ابنه السباح (علي) من رقم خليجي جديد في سباق (50) متر ظهر وسباق (100) متر ظهر، ضمن منافسات بطولة دول مجلس التعاون الخليجي الثامنة والعشرين للألعاب المائية المقامة في الدوحة، فنقول هذا الشبل من ذاك الأسد، ومن شابه أباه فما ظلم، فأبناؤك يا كويت نبع لا ينضب، نهر يزداد بالعطاء.