القادة المبدعون جزء لا يتجزأ من تراثنا الوطني، لما لهم من جودة رأي في تحسين العمل وتغيير مسار النتائج إلى الأفضل، فبزغوا بها نجوما وخارطة حياة تحيط بنا من كل جانب، ومن هؤلاء سعادة نائب رئيس الأركان العامة للجيش الأسبق الفريق أول ركن متقاعد الشيخ عبدالله النواف الأحمد الصباح، صاحب الحكمة الشجاعة والفكر المعتدل والحماس المتزن، التي انعكست إيجابا وإسهاما في تطوير الفكر المعاصر.
التحق الشيخ عبدالله النواف بالقوات المسلحة عام 1984 وتدرج في المناصب القيادية فيها حتى أصبح آمرا للحرس الأميري ثم رئيسا لهيئة الحرس الأميري، فأصبح بعد ذلك نائبا لرئيس الأركان العامة للجيش، فكانت حياته مليئة بالأحداث والمتغيرات الإقليمية والمحلية فضلا عن مشاركته في إدارة وفد الكويت للمؤتمر الثامن لرؤساء الأركان لدول التحالف ضد تنظيم داعش الذي عقد في الكويت عام 2016 بمشاركة 29 دولة، وحضور المؤتمرات الخاصة في حوار المنامة الذي يحظى بمشاركة أكثر من 300 مسؤول ومفكر من مختلف دول العالم التي تعتبر القمة الأمنية الأولى بالشرق الأوسط، وله بصمة رياضية لا تنسى فهو أحد فرسان الجيل الذهبي للرياضة الكويتية ونادي القادسية، فساهم في بنائها وتتويجها في جميع المحافل.
اهتم النواف بالتطوير الفعلي للقوى البشرية في القوات المسلحة وتنميتها حيث البناء، فبدأ بالجندي وهو الغرس الحقيقي «ولا يبنى جيش إلا على جندي»، كما اهتم بالرقي للمدارس والمعاهد والكليات التعليمية، واعتنى بالتدريب على تنوع الأسلحة وتطور التكنولوجيا المستخدمة، التي تجعلها قوة متكاملة ورادعة وحاسمة.
فحافظ النواف على القصد دائما حتى يحقق الهدف النهائي، وذلك بالإشراف المباشر على الجاهزية القتالية للقوات المسلحة ومتابعتها، والاهتمام بالخطط المتوخاة خاصة خطة الدفاع عن البلاد، والحرص الشديد على سلامة جيشه «جماعات وأفرادا» من خلال زيارته المتواصلة للقوة الكويتية المشاركة في عاصفة الحزم مع أشقائهم في المملكة العربية السعودية جنبا إلى جنب، والمتابعة الدقيقة لهم من رفع معنويات وإعلاء همم والعمل معهم بروح الجماعة، والتركيز على الأفعال لا الأقوال والعمل لتحقيق الأهداف.
اتصف الشيخ عبدالله النواف بالبعد الديني والوطني والعسكري، حيث تميز بالحكمة الشجاعة في المواقف الصعبة التي انعكست إيجابا على كفاءته القيادية، وكما ظهر عليه التواضع والانضباط واحترام حرية الرأي والتعبير، وظهر ذلك جليا من خلال حضوره للاجتماعات والمؤتمرات مع قطاعات الدولة، فكان محط إعجاب من الآخرين خاصة في إدارة الأزمات، نظرا لما يتمتع به من حنكة وحكمة وسعة اطلاع، وهذا يعود للفترة التي قضاها بالقرب من مواقع صنع القرار وموقع الحكم والإحاطة.
أدخل الشيخ عبدالله النواف من المفاهيم الإدارية الحديثة والمبادئ الرئيسية التي تدل على العبقرية الفذة والقيادة الناجحة، ونخص منها إستراتيجية التوازن بين الأهداف والوسائل لتحقيق التنمية في القوات المسلحة، فكان ذا حصافة رأي يعمل على فهم الحقائق المسيطرة على الموقف الراهن.
وفي 31 ديسمبر 2019 ودع صاحب الخلق الرفيع والأدب الجم الفريق أول ركن الشيخ عبدالله النواف الأحمد الصباح القوات المسلحة، الذي ساهم في بنائها بسيرة حافلة من العطاء، وترك لنا إرثا استراتيجيا غنيا بالطموحات والأفكار، فزادك الله توهجا ورفعة.. ودمتم ودام الوطن.
[email protected]