قبل 100 عام اجتمع عدد من علماء الدين للاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف في ديوان المرحوم الشيخ يوسف بن عيسى القناعي رحمه الله، وكان من الموجودين الشيخ احمد الفارسي والشيخ يوسف بن عيسى والشيخ محمد بن جنيدل رحمهم الله، وكان الاخير هو المحاضر، واثناء المحاضرة دخل عليهم المرحوم سيد ياسين الطبطبائي وكان رجل دين له مكانته بين العلماء، وبعد انتهاء المحاضر قال سيد ياسين ان الاحتفال بالمولد النبوي ليس بالاقوال ومسك المسابيح، انما علينا تطبيق ما نقوله، فرد عليه المرحوم الشيخ يوسف عيسى القناعي: وماذا يدور بخلدك وماذا نفعل؟ فقال سيد ياسين: نحن في الكويت نفتقر الى المدارس النظامية مثل مدارس الدول المجاورة لنا، وكان ذلك عام 1910م، فتعهد الشيخ يوسف بن عيسى القناعي أمام الموجودين انه سيسعى للعمل علي انشاء مدرسة نظامية في الكويت.
وصباح اليوم الثاني حمل بشته وتوجه الى قصر الحكم والتقى المرحوم الشيخ مبارك الصباح رحمه الله في مجلسه واخبره بما دار في تلك الليلة من اقتراح ياسين الطبطبائي، فرد عليه الشيخ مبارك الصباح رحمه الله وقال: غدا ان شاء الله تسمع مني الرد.
وذهب الشيخ يوسف الى عمله، وفي اليوم التالي ذهب لمقابلة الشيخ مبارك الصباح الذي اخبره بالموافقة، وسأله كيف ستبني المدرسة يا شيخ يوسف؟ فقال: من اموال المتبرعين من اهل الكويت وتجارها، ثم التقى القناعي مع الشيخ جابر مبارك الصباح واخبره بما سمع من والده، فاتفق معه، وبدأ العمل التطوعي لبناء اول مدرسة نظامية في الكويت.
والفضل يرجع لثلاثة رجال من رجالات الكويت: سيد ياسين الطبطبائي، الشيخ يوسف بن عيسى القناعي، الشيخ جابر مبارك الصباح الحاكم الثامن للكويت، وانطلق قطار العمل بجمع تبرعات من التجار والاهالي حتى اكتمل المبلغ بآلاف الروبيات، وجاء الدور الكبير لتوفير الارض التي سيقام عليها مبنى المدرسة، وبفضل من الله والدور الذي لعبه الشيخ يوسف القناعي وبزيارته لعائلة الخالد الكرام فقد تبرعوا بأرض ملكهم واضافوا اليها بيتا كان للوقف، وتم ضم الارضين وبدأ العمل في بناء المدرسة المباركية باشراف الشيخ يوسف بن عيسى القناعي واكتمل البناء، وبدأ البحث عن مدرسين لها وحتى تم له توفير المدرسين المحليين ومنهم سيد عمر عاصم مديرا للمدرسة وحافظ وهبة المصري وعبدالملك الصالح ورجال دين استعان بهم الشيخ يوسف بن عيسى وعين مسؤولا عن التعليم للمباركية.
وجاء يوم الافتتاح لاول مدرسة نظامية في الكويت، وعرفت بالمدرسة المباركية نسبة للشيخ مبارك الصباح، وتم افتتاحها عام 1911، وبمرور 100 عام على الافتتاح لم تحتفل وزارة التربية بالمدرسة المباركية، وقد انشغل المسؤولون بأمور التعليم ونسوا المدرسة المباركية اول صرح علمي في الكويت.
قبل انتهاء هذا العام يجب على المسؤولين في التربية الاحتفال بمرور 100 عام على المدرسة المباركية وان ينسوا خلافاتهم على جانب الطريق وان يبدأوا بالاستعداد للاحتفال. يوم افتتاح المدرسة المباركية، وقف احد طلابها من الشباب ولم يكن يتجاوز عمره 15 عاما والقى قصيدة بيوم افتتاح المباركية امام الامير الشيخ مبارك الصباح، فقدم له هدية ساعة جيب كانت تعرف بساعة راس كوب، واخذها الشاعر خالد محمد الفرج رحمه الله.
وحسب معرفتي فإن الساعة لاتزال موجودة عند ابن الشاعر علي خالد الفرج.
ايها التربيون، هموا بأنفسكم واحتفلوا بمرور 100 عام على انشاء وتأسيس المدرسة المباركية وأذكر الرجال الذين نذروا انفسهم في ذلك الزمن لكي يقدموا شيئا مفيدا لوطنهم وابناء الوطن وما نراه حاليا من انتشار التعليم في الكويت ما هو الا مجهود الاولين: الشيخ مبارك الصباح، الشيخ جابر مبارك الصباح، الشيخ يوسف بن عيسى القناعي، السيد ياسين الطبطبائي وعائلة الخالد الكرام والمواطنون الذين تبرعوا من اموالهم الخاصة، اذكروا محاسن موتاكم واحتفلوا بالمدرسة المباركية ويوبيلها الذهبي الممتاز، يا وزيرة التربية، وعدم التباطؤ بالاحتفال.