لا أعلم هل التاريخ يعيد نفسه؟ أم أن شخصياته تتكرر كلما مر منصب أو لاح قرار؟!
الإخوة الأفاضل أصحاب القرار في وزارة التربية وكل وزارات الدولة سواء كنت رئيس قسم أو موجها فنيا أو مديرا مساعدا أو مديرا أو مراقبا وما علا ذلك..
بذرة التعالي والغطرسة تلك التي يتخذها المسؤول بنبرة (لا أريكم إلا ما أرى ولا أهديكم إلا سبيل الرشاد) مرفوضة جملة وتفصيلا، وواقع لن يدوم مهما كان طويلا، فكلنا يعلم أن المناصب تكليف قبل أن تكون تشريفا.
وما دمت تراها تشريفا فكن صاحب قرار تربوي مشرف يتعالى عن النقائص والشخصنة وحظوظ النفس وغلبة الهوى.
وإن كانت الأقدمية خدمتك في نيل المنصب، فهذا لا يعني أنك أفضل من غيرك، وكفاءتك يحددها قرارك، ومعيار اتخاذك لهذا القرار، ومدى مصداقيتك.
فالأقدمية تبلى والمناصب تزول ولا يبقى إلا الأثر.
الإخوة الأفاضل..
أن تملك قرار المعلم هذا لا يعني أنك تملك المعلم، واعلم أن الله تعالى حين أمر موسى وهارون باللين مع فرعون أن (قولا له قولا لينا)، حين تجلت معها غطرسة فرعون واستعلائه في قوله: (أنا ربكم الأعلى) كان جزاؤه التنكيل بإغراقه وكل من معه غير مأسوف عليهم.. فهل من معتبر؟!
والتاريخ يعيد نفسه ويكرر مواطنه.. وفي قلب كل منا فرعون ذاتي يحتاج الى أن يدمغ باطله بالحق.
وأمانة.. المتأمل لواقع القرار يأسى لحال التربية، فوصول صوت القرارات إلى نبرة استشعار الخنوع والذلة مع غياب المصداقية وعلو معيار الهوى، والقرارات المغلقة والمعلقة والمذيلة بـ «لا حبتك عيني ما ضامك دهر» ينأى بشعور المعلم بتربويته ورقي مهنته وسمو عمله ونبوة رسالته، بل إن هذه القرارات هي بذرة الذل الأولى التي تستوجب نماء الفرعون الذاتي.
فرعون الذي يتكلم بلغة موسى يجب أن يعرف أنه ليس «على هامان يا فرعون!».
واعلم أن نهاية التعالي سقوط.. فإياك والاستعلاء الذي ينتهي بك انحدارا يتهاوى ليشفي غليل الشامتين.
الإخوة الأفاضل..
«من البلية أن يكون الرأي بيد من يملكه دون أن يبصره!».
فالتمكين مسؤولية، وأولا وأخيرا أنت مساءل أمام الله عن كل الرعية، محبتك وكرهك وكل مشاعرك لا تعني شيئا ويجب ألا تمس أي قرار في شيء، واعلم أن رأس المعلم اليانع بعلمه وعمله وكفاءته لا يعني أنك الحجاج بن يوسف الثقفي، ولن يحق ولن يحين لك قطاف رأسه.. «فهيهات منا الذلة»..
ومازلت لا أعرف كيف يبدع معلم أراه بأم عيني يكتوي حرارة وحرقة لقرار يخصه ويحتاجه؟!
لا أعرف كيف يبدع معلم سلب حقه وغابت معايير الصدق؟!
هل يعقل أن يفتقر المعلم لأبسط حقوقه في إبداء رأيه واختيار ما يناسبه؟!
وهل يعقل أن يطلب من المعلم أن يبدع في وضع لا يرتاح له، أو مكان لا يرغب فيه؟!
والأدهى كيف يتعامل معلم مضطهد بالقرار التربوي مع طلابه؟!
الإخوة الأفاضل:
في قلب كل واحد منا فرعون صغير جامح يحتاج الى أن يتذكر دائما.. أنه «إذا دعتك قدرتك على ظلم الناس، فتذكر قدرة الله عليك».
ويبقى السؤال: متى استعبدتم القرار وقد ولدنا في كويتنا أحرارا؟!
ولن تستعبدونا ما استعبدتم قرارا!
tfkeeer@