في ظل الانفتاح المعرفي والفكري الذي بات سمة الكون وفي زمن كثرت فيه المشتتات والملفتات والاختلافات بات التميز سلعة نادرة، وتكاد تكون معدومة، ومع ذلك ما زال هناك من يجاهد ليبتكر متفننا بأساليب جاذبة ومختلفة وذات أثر.
لفتت انتباهي قبل شهور دعوة كريمة لفعالية من فعاليات الشيخة انتصار الصباح لا أذكر تفاصيل الفعالية بقدر تفاصيل الدعوة المبتكرة والمبدعة، حيث ارتكزت الدعوة على معنى الفراغ لتحفيز المتلقي، الدعوة عبارة عن كيس فارغ إلا من ورقة فارغة ومطوية مربوطة بشريط خام عريض، هذا الفراغ يثير استغراب المدعو وفضوله ثم ما تلبث أن تبحث عن معنى أو معلومة لتجد قصاصة في خيط الكيس مكتوب فيها بما في معناه «فارغ هو حفلنا من دونك كفراغ هذه الورقة وهذا الكيس.. حضورك يمنح للمكان قيمته وللحفل معناه»، ثم بخط صغير بالكاد يرى جملة مفادها: «تفاصيل الدعوة في طرف الشريط».
هذا المعنى المبتكر والمحفز منح الفراغ قيمته ومعناه الحقيقي وربطه بحضور المدعو، شيء من هذا الإبداع عرضه بيت الزكاة في الدعوة التي وزعها لحضور ملتقى الكويت الثامن للأيتام والمقام تحت شعار «أيتامكم بضيافتنا» ارتكزت الدعوة على اليتيم بصفته محور الملتقى وعنصر التقاء الكافلين ببيت الزكاة، اختار الإخوة ساق البامبو رمزا لدعوتهم ومحفزا للمدعوين كتبوا عليه عبارة «البامبو الذي بين يديك.. يغرس في أي أرض.. ينبت وحيدا.. ينمو قويا.. كسره صعب.. كاليتيم الذي ترعاه» كلمات ذات معنى، قوية الأثر وبعيدة المدى، حققت المعنى السماوي السامي أن «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة» فحققوا فن الدعوة بدعوة بفن فاجتمعت في دعوتهم الحكمة بالاحترافية، والتقى الإخلاص بالإبداع فكان توفيق الله لهم ابتداء من دعوتهم المميزة مرورا بحفلهم الراقي والسخي وكلماتهم الجميلة وفقراتهم المبدعة وعروضهم الفلمية لواقع عايشوه في رحلاتهم الخيرية، نقلوا تجربتهم وعشناها معهم تعرفنا على التحديات والصعوبات التي واجهوها وكيف ذللوا العقبات فكانوا خير واجهة وممثل للكويت، سواء في إنجازهم لمصنع الأطراف الصناعية أو إنجازاتهم الأخرى وصولا لملتقاهم وفقرات وأناشيد الأيتام التي قدموها وتلك الروح الشبابية الراقية التي انعكست في العلاقة بين الأيتام والمشرفين في الفقرات، أمانة كان الحفل بمنزلة نقلة روحية سماوية ارتقت بناء في فضاء الإبداع بدعوة كريمة، وارتفعنا معهم من سماء لأخرى، نرتقي فيها منابر من نور أيقنا خلالها من كلمة «أن الإنسان قبضة من طين ونفخة من روح يسمو ما سما بروحه وعطاءاتها في رضا ربه يرفل في بركة العمل الخيري وأثره في القلوب في إنحاز أخوة في الله جمعهم حبه وحب عمل يقرب لحبه.
فلهؤلاء الشباب القائمين على هذا الملتقى أقول: «أنتم فخر الشباب الكويتي المبدع.. في ظل المتشابهات والمشتتات أحدثتم نقلة نوعية في العمل التطوعي الخيري وبالذات في الملتقيات، ما قدمتموه صفحة مشرقة للعمل الخيري الكويتي المبدع.. بذلتم فانعكس جهدكم ببصمة تميز وإتقان ومع أن العمل هو محط نظر الله دون النتائج أحسنتم العمل والله لا يضيع أجر المحسنين وقطفتم ثماره ذلك الشعور بالانتماء الذي تسرب للحاضرين في أن بيت الزكاة هو بيت الكويت.
أسأل الله سبحانه أن يتقبل منكم ويضاعف أجركم.. واعلموا أنكم سور الكويت الحصين ودرعها المتينة بما يحقق رضا الله ويدفع عنا غضبه ويقينا مصارع السوء.. بكم وعملكم محروسة الكويت.
tfkeeer@