في انتخابات مجلس الأمة 1992 رشح أحد رؤساء اللجان الخيرية نفسه للانتخابات، ومع سمعته الطيبة وقاعدته الشعبية وحضوره الاجتماعي، إلا أنه لم يسلم من تهمة استغلال أموال العمل الخيري في دعم حملته الانتخابية، وعندما طلب دليل على هذه الاتهامات في إحدى ندواته الانتخابية لم يقدم أحد أي دليل، بل لم يقم أحد ليناقشه في الموضوع.
هذا الاتهام وغيره الكثير هي تهم معلبة يرمى بها العمل الخيري بين فترة وأخرى حسب الأحداث، فمرة استغلال العمل الخيري في دعم مرشحين، ومرة يدعم الإرهاب، ومرة أن العاملين بالعمل الخيري يأخذون «بونص» ومكافآت بمبالغ طائلة تحت ذريعة العاملين عليها، ومرة يتهمون العاملين باللجان الخيرية بأنهم يعطون ربعهم ويهملون الناس المستحقة.
قاموس طويل من التهم التي تضر العمل الخيري وتمس سمعة العاملين فيه.
علما بأن العمل الخيري بالكويت رسمي ويخضع لمراقبة وزارة الشؤون دفتريا وميدانيا داخليا، أما خارجيا فيتابع من خلال سفارات الكويت ووزارة الخارجية، ومع هذا هناك من يتهم العمل الخيري ولا يقدم أي دليل أو إثبات لتهمته، فهو يلقي التهمة عبر تويتر أو مقالة صحافية ولا يلتفت لسمعة العمل الخيري ولا من يقوم عليه ولا يفكر بالإيذاء النفسي الذي يقع على العاملين باللجان الخيرية عندما تمس كرامتهم وذمتهم.. حتى تلك القضايا التي أثبتت على بعض العاملين بالعمل الخيري هي قضايا لا تقارن بحجم العمل الخيري وكما يقال «الأحكام تبنى على الغالب العام لا على الشواذ، فالشاذ لا حكم له».
وللأسف، العاملون بالعمل الخيري ظلوا لفترة طويلة لا يردون على هذه التهم وإذا ردوا فردهم بالعموميات وعبر بيانات صحافية، ولعل السبب هو تنزيه العمل الخيري من الدخول في المحاكم والنيابة، أو ربما السبب أن العمل الخيري مصطلح عام وليس هناك جهة معنية بالرد.
ولكن يبدو أن اللجان الخيرية تغيرت قناعاتها وأسلوبها، وبدأت تظهر لها مخالب تدافع بها عن نفسها وعن العاملين بها وعن إنجازاتها ومشاريعها خاصة بعد إنشاء كيان يشمل العمل الخيري بشكل عام وهو «اتحاد الجمعيات الخيرية والمبرات»، وأصبح هذا الكيان يدافع عن العمل الخيري ويرفع القضايا على كل متطاول وطاعن بالعمل الخيري، وفعلا صدرت أحكام على بعض المتطاولين الذين اتهموا العمل الخيري من دون أدلة.
هذه رسالة بأن كل من لديه تهمة ضد العمل الخيري يقدمها للجهات المسؤولة كوزارة الشؤون أو وزارة الداخلية لتأخذ إجراءاتها، أما إذا كان الكلام مجرد تهم وطعن وتشويه سمعة، فعلى كل من أراد أن يمس العمل الخيري بسوء أو تهم باطلة يجهز 5000 دينار ويضيف لها دينارا فوق البيعة، وهذا حكم مبدئي والمبلغ يمكن يزيد إذا دخل في الموضوع الضرر الأدبي والنفسي.
نعم، يجب أن يكون للعمل الخيري مخالب وأنياب، يدافع بها عن نفسه ويضرب بقوة كل من يهاجمه، لأنه يتعامل مع جمهور وضع ثقته فيه، وإثارة الشبهات والطعن ستفقد الناس هذه الثقة، وإذا فقدت الثقة امتنع الناس عن صرف أموالهم للجان الخيرية وتعطلت المشاريع، وتوقفت رعاية الأيتام وبناء المساجد وحفر الآبار.. بسبب تهم كاذبة أو افتراء.