في العام 2013 أثيرت قضية تزوير الشهادات الجامعية، حيث حصل بعض الطلبة على شهادات جامعية من جامعات مشبوهة في الفلبين والهند والتشيك وبعض الجامعات العربية بالمراسلة وخلال مدة لم تتجاوز 6 اشهر، وقتها صرح وزير التربية نايف الحجرف بأن «قضية الشهادات المضروبة قيد التحقيق»، وقال فؤاد خليل من جمعية المهندسين الكويتية، حيث ان اغلب الشهادات المزورة في الهندسة، إن نسبة الشهادات غير المعترف بها زادت بعد إقرار الكوادر المالية.
وفي العام 2016 أثيرت القضية مرة أخرى، حيث اتهم عدد من أعضاء الهيئة التدريسية بـ«التطبيقي» بالحصول على شهادات الدكتوراه من جامعات غير معترف بها وبطريقة مشبوهة بالقضية المسماة «جامعة أثنيا»، وقتها قال عضو مجلس الأمة رويعي الرويعي في ندوة أقيمت لمناقشة هذه القضية «بعض أصحاب المكاتب الاستشارية والنفسية يحملون شهادات وهمية»، وقال فيصل الشايع: إن هناك 5 آلاف و768 شهادة حصل عليها أصحابها من دون إجازة دراسية.
ويتكرر المشهد من جديد في عام 2018 باتهام موظف في وزارة التعليم التعالي بتزوير شهادات الدكتوراه والماجستير وأن هناك المئات من حاملي هذه الشهادات على رأس مناصب مهمة وحساسة في الدولة، وصرح الوزير أنس الصالح بإحالة الشهادات المزورة إلى النيابة العامة استكمالا لخطوات مكافحة الفساد.
القضية ليست وليدة اليوم وظاهرة تزوير الشهادات قديمة ومنتشرة وتقابلها إجراءات حكومية غير جادة، وتقوم وزارة التربية والتعليم العالي بالتعامل مع القضية على إنهاء فقاعة تظهر وتختفي وينساها الناس وتستمر العملية، ولا يمضي عامان أو ثلاثة إلا وتبرز من جديد وهكذا.
ومن فضول القول ان هذه الشهادات المزورة ستبني مؤسسات دولة براقة من الخارج لكنها هشة من داخلها بسبب ضعف القدرات الفنية لمن يدير هذه المؤسسات وهو يحمل شهادة مزورة، ولمداراة عمل هذه المؤسسات ولكي نغطي عيوبنا يزيد الاعتماد على العمالة الوافدة لتغطية العيوب أو نتقبل الأداء الإداري والفني السيئ، فهذا مهندس لا علاقة له بالهندسة وهذا دكتور جامعة يخرج طلبة بمستوى علمي متدن وهذا محقق أو قانوني أو محام يدمر موكليه بسبب جهله ببدهيات القانون، كما أن أصحاب هذه الشهادات المزورة استنزفوا ميزانية الدولة بدون وجه حق بسبب حصولهم على الكوادر المالية والبدلات المعتمدة لمسمى حقوقي ومهندس وماجستير ودكتوراه وغيرها.
وزير التربية أمام هذه الظاهرة يتحمل مسؤولية كبيرة ليس لأنه الوزير المعني فقط، بل لأنه تولى منصب وكيل التعليم العالي منذ سبع سنوات قبل توليه الوزارة، ومن البديهي ان يكون مطلعا على تسلسل هذه المشكلة منذ بداياتها، ومن خلال منصبه وخبرته ومعاصرته يجب عليه مراجعة قوانين التعليم العالي وقوانين الابتعاث والاعتراف بالشهادات العلمية، فليس من المعقول أن يحصل أكثر من خمسة آلاف طالب على شهادات علمية وهم على رأس عملهم وبدون اجازات دراسية، ومن غير المعقول أن يتم توظيف حامل الشهادات الجامعية من جامعات خارجية دون المرور على مجلس خبرة يدقق الشهادة العلمية ويقيم حامل الشهادة عن طريق المقابلة الشخصية، خاصة اذا كانت شهادة عليا ماجستير ودكتوراه ويقوم بعمل اختبار دقيق، وعليه كذلك يجب مراجعة الجامعات الخارجية بشكل دوري ومنتظم وتفعيل دور الملحق الثقافي في السفارات وجعله فنيا أكثر منه إداريا وأن يتجاوز دورة التصديق على الشهادات ومتابعة الطلبة بل يصل الى حد متابعة الجامعات والكشف عن قوتها وعلميتها وتوقيفها عند أي مخالفة.
وتفعيل الجانب القانوني والتشريعي خطوة للقضاء على ظاهرة الشهادات المزورة ويجب تطبيق كل العقوبات الإدارية والمالية بدءا من وقف العلاوات المالية بسبب الشهادة المزورة واسترداد ما تم صرفه بالإضافة إلى توقيف صاحب الشهادة المزورة عن عمله وإرجاعه إلى آخر مؤهل حقيقي حاصل عليه بالإضافة الى محاسبة الحاصل على الشهادة بالتزوير ومحاسبة الجامعة المانحة للشهادة المزورة وكل من ساعد في اعتماد شهادة مزورة لأن التزوير قضية جنائية يعاقب عليها القانون.
أما التراخي في حل هذه القضية فهو ظلم بين لكل من حصل على شهادة علمية بطريقة صحيحة، وهو خيانة للكويت عندما يتولى المناصب المهمة والحساسة أصحاب شهادات مزورة، وهو جريمة جنائية يحاسب عليها القانون وإذا سكتنا عن قضية الشهادات المزورة وقتها لا نلوم من زور الجنسية أو زور الأموال أو زور شهادات الحيازات الزراعية أو زور التاريخ أو زور الحقائق، فالتزوير هو التزوير وان اختلفت صوره.
[email protected]