حارة الأمان الموجودة على جانب الخط السريع ليست آمنة كما يبدو اسمها بل هي الأكثر خطورة بين باقي الخطوط!، فهي ليست بمأمن من المخلفات والمسامير والمطبات الموجودة في هذه الحارة، وايضا لو توقفت السيارة فيها فهي ليست بمأمن من القادم من الخلف بسرعة والعكس صحيح.
وعلى القياس نفسه، فإن بقاء الكيانات على حارة الامان امر خطير جدا وهو ما أكده مؤسس هواتف نوكيا الرائدة في التسعينيات رغم قيامهم بأداء كامل مهامهم على النحو السليم ولكنهم لم يقوموا بخطوات ابداعية جديدة تنقلهم نحو التطور فسبقهم الآخرون. في المقابل، فإن بقاء الدولة في حارة الأمان.. أمر خطير جدا، وهو ما تداركه أهل الكويت المؤسسون لبناء الدولة وبقائها عندما اختاروا الشيخ صباح الأول أميرا للكويت قبل أكثر من 3 قرون، وأيضا عندما قام الشيخ مبارك الكبير بتوقيع اتفاقية الحماية مع بريطانيا عام 1899، وقبله من الشيوخ الذين بنوا مع اهل الكويت الأسوار للحماية والوقاية من المعتدين.
إلى أن حصلت النقلة الكبيرة جدا في تاريخ الكويت بعد اكتشاف النفط في عهد الراحل الشيخ أحمد الجابر الذي رسم بعده ملامح الكويت كدولة حديثة سبقت كل من حولها من دول العالم، أبو الدستور الراحل الشيخ عبدالله السالم، فازدهرت الكويت في كل المحافل فصارت الصناديق السيادية والدستور والاستثمارات الخارجية والأفكار الاقتصادية النيرة، فكانت فترته الثمرة الطاهرة التي مازلنا نجني من حصادها؛ لأنه لم يقبل بالاستمرار في السير الممنهج التقليدي النمطي كباقي الدول، بل قفز باسم الكويت وشعبها إلى مكانة عالية، واستمر اسم الكويت من بعده في الصعود إلى أن توقف عام 1990.
وبعيدا عن استذكار الماضي وبإلقاء نظرة ثاقبة للحاضر، عندما تفقد الحكومة السيطرة على قيادة الدولة في توجيه القرار، ستقوم بإصدار القرارات وتسحبها بشكل عشوائي بناء على ردات الفعل وعلى ما يخلقه الاعلام ومن ورائها، فمن الطبيعي أن تسمع قرارات حول رغبات ومطالب رجل الشارع البسيط بطلب إسقاط القروض ولو لم يكن بناء على دراسات وعدالة، ومن الطلبة زيادة الإعانة الشهرية وغيرها من الطلبات الشرعية وغير الشرعية في ظل غياب حكومة تملك صنع قرارات تعود بالمنفعة على الوطن وعلى المواطن مع مراعاة الوضع المالي للبلد.
في المقابل، يمتلك القطاع الخاص أفكارا عديدة جريئة تم تطبيقها في دبي وقطر والمملكة العربية السعودية بسبب عدم حصول أصحابها على بيئة مشجعة لتنفيذها بالكويت. بإمكان الحكومة إعادة الثقة من جديد لعودة مثل هذه الافكار واستقطاب الجديد منها لتنفيذها بالكويت.
وأنا اكتب هذه المقالة وصلني خبر البدء في التكاسي الطائرة في دبي من العام المقبل، وخبر آخر من الاتحاد الأوروبي بمنع شراء سيارات الوقود ابتداء من عام 2035!
[email protected]