واجهت الكثير من أرباب الأسر الكويتية وهم يتقاسمون الألم والحسرة فيما بينهم لأنهم إلى الآن لم يحصلوا على سكن على الرغم من اشتعال الشيب في رؤوسهم وأصبح أبناؤهم وبناتهم في سن الزواج وهم لايزالون يسكنون في الشقق المستأجرة منذ شهر العسل حتى الآن ولايزالون يحلمون في بيت العمر لكنهم ومع مرور السنين اكتشفوا أن أحلامهم كباب وواقعهم عدس.
ويتساءلون إلى متى يعيشون في الضنك السكني والكويت تعتبر من أغنى دول العالم ولكن في منظومة السكن تعتبر من أفقر دول العالم لسببين، الأول: هو أن مساحة العمران لا تتعدى %8 من إجمالي مساحة الكويت.
أما الثاني: فهو عدم وجود تطوير في خطة الإسكان ولم يتغير من الخطة الحكومية التقليدية للسكن الخاص شيء منذ أكثر من 50 عاما بل إن هذه الخطة المعتقة لم تستطع استيعاب الانفجار السكاني في الكويت فتباطأت وانكمشت أمام هذه الأعداد الضخمة وأصبح المواطن الكويتي ضحية لها.
ومن الآثار الجانبية لما سبق أعلاه في هذه الأيام هو ارتباط غلاء أسعار السكن الخاص بارتفاع رسوم الكهرباء والماء في السكن الاستثماري والتجاري دون وضع قوانين رادعة أمام المستثمرين لمنعهم من الاستثمار في قطاع السكن الخاص إذ وجد هؤلاء المستثمرون أن هذا الاستثمار يعتبر الملاذ الآمن لهم ولأموالهم، وذلك لكون رسوم الكهرباء والماء غير مكلفة في هذا القطاع بل إنها أيضا تزيد من هامش الربح بالنسبة لهم، ويقول لي احد الأصدقاء إن أحد المستثمرين قام بشراء أكثر من 30 قسيمة (أرض وقرض) في إحدى مناطق السكن الخاص.
وقديما كان رب الأسرة يأخذ قرضا من البنك لشراء سكن له ولأسرته وبعدها بكم سنة تغير الحال وقام بدمج راتبه وراتب زوجته لكي يشتري بيتا، أما اليوم فإنه لا يستطيع أن يشتري بيتا إلا بعد أن يدمج راتبه مع راتب زوجته وإخوانه وأخواته وجيرانه وعمانه وعماته وأخواله وخالاته لكي يشتري بيتا يستتر به مع تنازله عن بيت الأحلام الوردية الذي يطمح إليه.
وأعتقد أن لكل مشكلة حلا والحل بنظري لهذه الأزمة الإنسانية الوطنية الملحة كالتالي:
أولا: بناء منازل شعبية مؤقتة منخفضة التكلفة ومسبقة الصنع لمن ينتظر دوره في السكن.
ثانيا: بعد توصيل التيار الكهربائي لقسيمته أو بيته الدائم يقوم بتسليم بيته الشعبي المؤقت للإسكان، لكي يحل به العرسان الجدد.
ثالثا: البنية التحتية ستكون تكلفتها صفرا على الدولة، كيف؟.
الجواب: يكون ذلك بتقديم %10 من إجمالي عدد الوحدات السكنية في هذه المنطقة إلى الشركة التي قامت بأعمال البنية التحتية وتأجيرها لها بنظام (POT) ولها الحق باستثمارها مدة 25 سنة ومن ثم إعادتها للدولة. وبعدها تقوم الدولة بتسليمها للمواطنين كمساكن مؤقتة.
وفيما يخص تكلفة البيوت المؤقتة المنخفضة التكلفة فيمكن استقطاعها من الصندوق الكويتي للتنمية لأن المواطن الكويتي بأمس الحاجة اليوم إلى تنمية سكنية إسعافية عاجلة، وذلك لإيقاف العذاب الذي يعانيه مع أسرته من الغلاء الفاحش في أسعار الإيجار في السكن الخاص.
وأخيرا، نلاحظ أن عدالة السماء قد غرست في عقول البهائم طريقة بناء بيوتها فالضب والعقرب والحية والفأر والجربوع لها جحور في الأرض والعصافير لها أعشاش على الأشجار والجوارح لها أعشاش على رؤوس الجبال أما أبناء آدم الجدد في الكويت وبالرغم من تكريمهم من الله تعالى وخلقهم بأحسن تقويم، فإنهم وجدوا أنفسهم قد أصبحوا ضحية لحلم السكن في بلدهم الذي تحول إلى مسلسل تركي طويل وكذلك وجدوا أنفسهم تحت رحمة المستثمرين الذين رفعوا أسعار إسكان المواطنين المساكين في الخاص.
وكل ما أخشاه مستقبلا أن تقوم العوائل الكويتية بالهجرة إلى الدول المجاورة لاستئجار بيوت بتكلفة منخفضة لا ترهق ميزانية العائلة، أو أن تتحول هذه العوائل إلى «هوملس» بداخل وطنها.