مفرح العنزي
قبل الاحتلال الصدامي الغاشم للكويت كنا نسمع بمبدأ (احتياطي الاجيال القادمة) مع العلم ان التاريخ يؤكد لنا ان دوام الملك هو لله وحده، اما الدول والامبراطوريات فإن مصيرها للزوال ولعل الدولة العثمانية والدولة العباسية وبريطانيا العظمى التي كانت لا تغيب عن مستعمراتها الشمس والاتحاد السوفييتي السابق وغير ذلك كثير انتهوا وانتهت دولهم من الخريطة السياسية والكويت تعرضت للاحتلال الصدامي الغاشم، لكنها عادت بمشيئة الله الى وضعها السياسي والاقتصادي، اما احتياطي الاجيال القادمة فإنه تقلص وبقي من رصيد الاستثمارات الخارجية فقط 60 مليار دولار بعد ان كان 360 مليار دولار.
وقبل الاحتلال الغاشم للكويت وجد طاغية العراق ان الكويتيين منشقون فيما بينهم وان دخول قواته العسكرية للكويت بهذا التوقيت من صالح اطماعه التوسعية في المنطقة اي انه طمع بفرقتنا وظن ان المجلس الوطني الذي سمي باسم الابن غير الشرعي للديموقراطية الكويتية من قبل المعارضة هو بمثابة صافرة السباق للدبابات العراقية المتجهة الى قصر دسمان العامر غصبا على الغازي.
وبعد الاحتلال الغاشم لم تكن الامور السياسية والاقتصادية على ما يرام الا ان التجار وخصوصا تجار العقار نجحوا في اقناع الحكومة برفع قرض بنك التسليف من 56 ألفا إلى 70 ألفا وهذا يعني انهم اعطوا حقنة منشطة بالوريد للعقار فتحرك قليلا لكنه ليس بالمستوى المطلوب، وذلك بسبب ان خطر اجتياح الكويت مرة اخرى كان لايزال قائما بسبب وجود نظام صدام البائد، اما اليوم فقد اختلف الوضع تماما، وحدث ما لم يكن بالحسبان فالخطر الذي كان جاثما على صدر الكويت لاكثر من 20 عاما، تمت ابادته واصبح في خبر كان والنفط قفز برميله الى اعلى مستوياته التي لم يسبق لها مثيل، والاموال الكويتية عادت واغرقت البنوك المحلية بالسيولة بعد ان كانت خزائنها ملجأ للقوارض والحشرات الزاحفة أما التنمية والمشاريع الاسكانية والبنية التحتية فانطلقت بسرعة سيارة البورش ذات المحرك التوربيني بقيادة اصحاب الخبرة الظاهرة والباطنة للعقار والانشاءات، اما الذي ليس من حاشيتهم فإنه يسير بهذا الطريق بوانيت منتهية «بيمته» ومكسور زجاجه الامامي ومبنشر وليس لديه سبير، ومحمل بأصحاب الكفاءة العالية بهذا المجال سواء الكفاءة المالية او الخبرة وهم غير المحظوظين بالتجارة في الكويت.
كذلك وجد اصحاب الوطنية الصادقة ان عودة اموالهم واستثمارها في بلدهم واجب وطني وديني بنفس الوقت، الا انهم صدموا بالواقع الذي يخضع لنظام خاص يقع تحت سيطرة مطلقة لحلابة النملة، فأعادوا اموالهم الى الخارج بسبب ان الوضع في الكويت لا يحقق طموحاتهم المتوقعة.