يعتبر نظام الأسرة المسلمة من أروع الأنظمة الأسرية في العالم، إذ انه يقع في قمة هرم الأسر الناجحة اجتماعيا، وهذا النظام الأسري مبني على أساس عقائدي إسلامي لا يقبل التمرد أو الفوضى الاجتماعية فهو نظام رباني محكم الصنع يعتمد بشكل أساسي على الرحمة الأبدية بين أفراد الأسرة والتقدير والاحترام لكبار السن وعدم التخلي عنهم مهما كان.
ولكن ما نراه اليوم من مفاهيم خاطئة وسخيفة ليس لها تفسير واضح سوى أنها محاولات فكرية غربية تهدف إلى تفتيت الأسرة المسلمة من الداخل وتحديدا الأم التي تمثل حجر الأساس في الأسرة، وتمثل أيضا المدرسة الأولى للطفل الذي تهيئه هذه الأسرة المسلمة ليكون مواطنا صالحا في المجتمع.
وقد يتساءل البعض عن نوعية هذا الفكر الخبيث الذي يتغلغل إلى عقل الأم وقلبها ويفصلها عن مملكتها الاجتماعية المتمثلة بأسرتها ثم يطلق خيالها وأحاسيسها ومشاعرها إلى عالم آخر لن تتعرف عليه إلا بعد تذوق مرارته ومرارة فقد أبنائها وبناتها وزوجها الذي حتما سيتزوج امرأة أخرى.
وهذا العالم الوهمي الذي هو من صناعة أعداء أمة الإسلام وهم كثر هذه الأيام مبني على الأنانية وحب الذات وإنكار من هم حول الأم، فمثلا سمعت مقاطع صوتية تتحدث بلهجة خليجية عن أن الأم تثير الشفقة بعد أن وصل أبناؤها إلى مرحلة الجامعة وهي تخدمهم بكل إمكاناتها ونسيت نفسها التي أهملتها طوال هذه السنين، ويجب عليها أن تتوقف عن ذلك وتترك أسرتها وتنطلق في عالم الأنانية فتتحول بعقليتها الجديدة الفاسدة إلى عجوز مراهقة كي تعوض ما فاتها من سنوات العمر.
وفي المقابل نسيت الهبات القيمة التي قدمها لها الله سبحانه وتعالى بأن رزقها الذرية ورزقها البيت الجديد مع زوجها بعد أن تركت البيت الذي ولدت فيه وعاشت برعاية والدها وحنان أمها ونسيت أعظم مكافأة لها في الجنة وهي أن الجنة تحت أقدام الأمهات ونسيت منزلتها عند الله إذا قال الله تعالى: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما (23) واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا - 24) أي أن الإحسان إلى الوالدين يأتي بالدرجة الثانية بعد التوحيد.
يا إلهي.. يا لها من منزلة عظيمة! ألم يكن لها عقل تكتشف من خلاله أن ما يقدم إليها أو ما تسمعه من أفكار تحررية هدامة ما هو إلا أوهام رخيصة وساقطة عانت منها الأسر الغربية أشد المعاناة، بل انهم اكتشفوا منذ وقت بعيد بأنها مدمرة لمجتمعاتهم البراقة في إعلامهم الكاذب.
فأرادوا تصديرها للأسر المسلمة السعيدة الجميلة المتماسكة واستهدفوا الأم لأنها النواة الأساسية لبناء الأسرة وهذا ليس سرا، بل اعترفوا به من خلال كتبهم التي ألفوها لتدمير الإسلام عن طريق الأم.
والى وقت قريب كنا نسمع ونقرأ النكات هنا وهناك عن الزوجة (الأم) فأصبحت مثارا للسخرية من قبل المجتمع ثم اطلقوا فيما بعد سلاح التحرر الترفيهي للأم، وقد عبر لي بعض أصدقائي المحامين عن دهشتهم لتعدد حالات الطلاق بعد أكثر من 20 سنة زواج.
لذلك أرجو من الأمهات الفضليات عدم الانزلاق والسقوط في شباك الإعلام الخبيث الماكر الذي يريد هدم المجتمع بأسره من خلال سمومه الفكرية والذي للأسف يروج لها أبناء وبنات من جلدتنا وهؤلاء إما أن يكونوا أغبياء (من فئة مع الخيل يا شقرا) أو مغفلين (مضحوك عليهم) أو منافقين (من فئة المتملقين للغرب) وجميعهم قناصون يطلقون رصاصهم الفكري المسموم على قلوب ورؤوس أمهاتنا. فالحذر الحذر من هذه الظاهرة.
٭ ختاما.. من تريد أن تتعرف على قيمة وكرامة والمنزلة العظيمة للمرأة في الإسلام،عليها أن تقرأ قصة وافدة النساء أسماء بنت السكن الأنصارية الاشهلية مع الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.