لقد دهشت بما رأيته من استجواب لوزير الداخلية في هذا الوقت، وبالمقابل هذا حق صريح يضمنه الدستور لعضو مجلس الأمة مع احترامنا لجميع أعضاء المجلس.
وقبل بدايتي في الحديث عن هذا الموضوع أود أن أوضح للقارئ بأنني لست مع أي طرف بهذا الاستجواب، بل مع المصلحة العليا للكويت.
اذ نجد أن وزير الداخلية أنس خالد الصالح يعتبر أول مواطن مدني يتقلد حقيبة وزارة سيادية ولم تثق به الحكومة لتولي هذا المنصب إلا بعد قناعتها التامة بحسن أدائه في الوزارات السابقة التي تولى رئاستها من قبل والتي لا اذكر انه تم استجوابه خلال فترة عمله السابقة كعضو في الحكومة.
وبما ان «الداخلية» وزارة عسكرية تختلف نوعا ما في طبيعة أعمالها على رجل مدني، إلا أن الخبرة الميدانية التي مارسها الوزير في الوزارات السابقة من الممكن جدا ان تجعله يمارس مهامه بكل حرفية واتقان كما عهدناه بالسابق.
وأما محاور الاستجواب التي وجهت للوزير ربما تكون ادعاءات أو انها حقيقية إلا ان المتهم بريء ما لم تثبت ادانته ولو أدين فإنه حتما ستطرح الثقة به وستكشف لنا الأيام القادمة نتائج الاستجواب.
وما يهمني بهذا الموضوع هو توقيت الاستجواب الذي جاء متأخرا جدا بعد غياب أربع سنوات الا شهرين من عمر المجلس، اذ ان هناك أمورا كثيرة يجب على أعضاء مجلس الأمة التصدي لها منذ وقت طويل وهي معروفة لدى الجميع ولا يتسع المجال لذكرها، ولكن للأسف مرت عليهم كمرور السراب في الصحراء مع العلم أنها أثقل من الجبال على كاهل المواطن.
ومن المعروف ان الاستجواب وعلى الرغم من إيجابياته المتعلقة بمحاسبة الوزراء، إلا أن له انعكاسا سلبيا خاصا على الشؤون الإدارية في وزارة الوزير المستجوب، فتتعطل أعمال الوزارة بسبب انشغال الوزير والوكيل بمحاور الاستجواب فيؤجل البريد ويتراكم وتتعطل مصالح المواطنين في الوزارة، ويبدأ الهرج والغمز واللمز وتفتح أبواب الاحتمالات ببقاء الوزير أو طرح الثقة به.
وكذلك تتعطل أعمال مجلس الوزراء وأعمال مجلس الأمة لحين الانتهاء من الاستجواب وخصوصا فيما يخص إقرار الميزانيات في ظل تدني الأسعار العالمية للنفط، ولا ننسى أيضا ان التصدي لجائحة فيروس «كورونا» تقع في المرتبة الأولى لدى الحكومة من حيث الاهتمام بالأعمال المتعلقة بها، إلا أنها ستفقد أهميتها نوعا ما بسبب الانشغال بالاستجواب وإذا كان استجوابين فإن الانشغال سيكون أطول.
وحتما ستنتهي صفحة استجواب وزير الداخلية وستبدأ صفحة استجواب وزير التربية، ومن ثم سنرجع للمربع الأول لتعطيل الأعمال مرة أخرى في سبيل الانتهاء من هذا الاستجواب الذي يأتي بالوقت الإضافي الثاني لانتهاء الفصل التشريعي الأخير لمجلس الامة الحالي.
ومع احترامي لكل من قدم استجوابا بهذه الفترة، أقول له إن هذا الاستجواب ليس استجوابا لهذا الوزير أو ذاك، بل انه استجواب مباشر لمشاعر الناخبين، فالشعب الكويتي شعب مثقف وواع بكل ما يدور حوله ولن تنطلي عليه هذه الاستجوابات المتأخرة جدا ولن تغير قناعاته بهذا المرشح أو ذاك.
ختاما... أيها السادة الكرام إن الزهور لا تقطف الا في الربيع، أما في نهاية الربيع فإنها ستذبل ويذهب جمالها ورائحتها الزكية فنمر عليها مرور الكرام، وكذلك الإصلاح لم ولن يبدأ في نهاية الطريق بل انه يبدأ دائما في بداية الفصل التشريعي الأول للمجلس.