خلال السنوات الماضية كانت وزارة الأشغال تعمل بجد واجتهاد، ولكن خارج نطاق الجودة العالمية، واعتقد أن المسؤولين في هذه الوزارة لم يفكروا أصلا في الجودة لأن ناتج أعمالهم في طرق الكويت يؤكد هذه النظرية وربما جاءت من مهندسين غير كويتيين والذين ينطلقون من مبدأ «مشي حالك اهم شيء نستلم دفعات من الوزارة» (الأشغال).
والغريب ان هذه الوزارة خلال السنين الماضية تحولت الى بقرة حلوب للتجار والمهندسين القادمين من الخارج، فالقائم بأعمال المشروع شركة محلية بإدارة عربية وبمراقب هندسي عربي ومهندس الوزارة أيضا عربي ومن جلدته فهذا العربي يسلم لذاك العربي.
وأما المهندس الكويتي فنجده خارج نطاق التغطية بهذه المنظومة لسبب بسيط وهو انه عنيد يريد أعلى مواصفات الجودة والدقة في العمل والدقة في تراكيز وكميات خلطة الاسفلت، وهذا الأمر سيقلل من هامش الأرباح المتوقعة للشركة الكويتية والتي تدار بالباطن من قبل غير الكويتي، وهذا المدير الباطني لا ينظر الى الجودة الشاملة في بناء الطريق بقدر ما ينظر الى مصلحته الشخصية التي تغرب من اجلها، ولو ترك على هواه لقام بلصق الاسفلت بشريط شفاف لاصق أو بـ «الباتكس» وهنا بداية المصلحة فأي خلطة ذات مصنعية متدنية المعايير وستهترئ بعد اول مطرة قوية، وكل سنتين تقوم الوزارة بكشط الطبقة العليا من الاسفلت بعد دفع مئات الآلاف من الدنانير للصيانة المفتعلة هندسيا بعد تطاير الحصى وتكسير زجاج سيارات المواطنين، أما الطرق الخليجية المجاورة فليس في قاموسها كلمه (كشط الاسفلت) إلا بعد 15 سنة ولمرة واحدة فقط.
وهنا يظهر لنا ان المسألة ليست صيانة بقدر ما هي منفعة يكون نصيب الأسد منها لأشخاص غير كويتيين بمعنى كلمة حق أريد بها باطل، والمشكلة ليست بالطريق ولا بشركات مقاولات الطرق، بل ان الآلية المتبعة في أعمال الطرق لا تتمتع بالجودة والمواصفات القياسية العالمية ولا توجد جهة رقابية مستقلة داخل أو خارج وزارة الأشغال، وحتى ان وجدت فلن تجد بها خصوصية كويتية بمعنى ان الجهاز الرقابي والقانوني تجده محتلا بالكامل من قبل القادمين من خارج الكويت.
وهنا السؤال المهم، أين خريجو كليات الهندسة الكويتيون وخريجو كليات الحقوق طوال 50 عاما الماضية، واين ذهب بهم ديوان الخدمة المدنية؟
ومن يهمه المال العام ويريد الدفاع عنه، وخصوصا أعضاء مجلس الأمة عليهم ان يسلطوا الضوء على الشؤون المالية والهندسية في وزارة الأشغال وسيرون ما لا يسرهم.
والى يومنا هذا لم نر أي تغيير في شوارع الطرق الداخلية والخارجية المحيطة بالمناطق. وإذا كان هناك تطوير لهذه الطرق فإننا نريده ببصمة ونكهة كويتية من خلال إشراف وإدارة كويتية مخلصة لوطنها.
أما وزيرة الأشغال د.رنا الفارس فإننا نأمل منها ان تصلح ما أفسده الدهر بهذه الوزارة وأن تترك بصمة كويتية إدارية هندسية رقابية إيجابية، أو ان الوضع كالعادة يبقى على طمام المرحوم وكأنك يا أبو زيد ما غزيت.
وأنا أرى أنه إذا استمر الوضع في وزارة الأشغال كما هو عليه الآن فإننا سندخل في دوامة مسلسل تركي طويل لن تنتهي حلقاته إلا بعد ان يتم الاستغناء عن الطرق الاسفلتية التي تكشط كل سنتين وتستبدل السيارات الحالية بسيارات طائرة والتي بدا تصنيعها فعليا في العالم.
وهنا نودع الطرق الحالية وتغلق وزارة الأشغال ويهاجر المهندس العربي إلى بلده الذي لاتزال سياراته في ذلك الوقت تسير على الطرق الاسفلتية.
وأكيد سيجد له وظيفة مرموقة لأنه كانت لديه خبرة سابقة في بناء الطرق الاسفلتية في الكويت التي لم تتطاير منها حصوة واحدة أثناء عمله بها.