يتساءل الكثيرون: لماذا وصلنا إلى هذه الفوضى المزعجة وإلى هذا الوضع المزري وشبه الكارثي في كل شيء تقريبا بالبلد؟ هذا الوضع الذي كان سيكون أكثر وضوحا في كارثيته لولا مقولة المال خافي وستار العيوب ومع ذلك حتى مالنا ورفاهيتنا لم تستطع تغطية عيوبنا الأكثر من كثيرة وسخافتنا وضحالة تفكيرنا، ولا تدفنوا رؤوسكم في الرمال أكثر من ذلك، وليعترف كل مواطن على الأقل بينه وبين نفسه بالأخطاء وبالآثام التي جاء بها واقترفها وارتكبها تجاه وطنه ومجتمعه وساهمت بصورة ما في وصولنا إلى هذا الوضع الفوضوي البائس.
في نظري ونظر كل من لا يكذب على نفسه وعقله بالكويت، ان الاستسهال الكبير وغير المسبوق والذي لا يشبهه استسهال في أي بلد في العالم هو أكثر ما ساهم في ايصالنا إلى هذا الحال الفوضوي، إذ يبدو ان هذا التعليم وميزانياته الهائلة لم يساهم في خلق مواطن جيد، أو يساهم في تغيير الناس للأفضل ولو قليلا، وكأن الناس لم تذهب للمدارس وللجامعات وللمعاهد في أي يوم من أيام حياتهم، وزاد الطين بلة وقرفا واتساخا هو هذا الاعتراف الذي لا مثيل له بالشهادات العلمية المزورة والمزيفة الكثيرة التي جاء بها الجهلة والأميون المزيفون والمزورون المتخفون وراء مسمى طلبة علم، عن طريق جميع الطرق اللامشروعة واللاأخلاقية والمشبوهة، لدرجة ان القلة المسكينة المتعلمة تعليما حقيقيا بالبلد ومتخرجة في المدارس والجامعات الحقيقية الراقية ضاعت وسط هدير طوفان من جاءوا بالشهادات المزيفة المدلسة المشبوهة وبفضل سيطرة الكثرة على القلة كما هو حاصل وللأسف في كل مكان بالبلد، سيطر حملة الشهادات المزيفة والمشبوهة والمزورة والتي لا تمت للتعليم الحقيقي حتى بخيط رفيع، على أغلب إن لم يكن كل وزارات ومؤسسات ودوائر ومناصب البلد حتى أصبحنا بفضلهم نكتة وأضحوكة تضحك عليها الأمم والشعوب!
وليعلم الجميع أنه عندما كانت اعداد المتعلمين في مجتمع الكويت بسيطة، وعندما كانت أعداد خريجي الجامعات والمدارس قليلة، كانت دوائر البلد تدار بصورة صحيحة، لأن من تسلمها وقتها متعلمون حقيقيون وليسوا مزيفين رغم أن العمل يومها كان شاقا ويدويا وكثيرا، أما اليوم ورغم ان العمل سهل جدا بفضل ثورة التكنولوجيا والاتصالات والاختراعات التي جعلت الحياة أسهل وجعلت العمل أسهل ولا يحتاج لعباقرة ليديروه أصبحت الفوضى هي سمة كل مكان ووزارة ودائرة في البلد وأصبح التفاني في العمل والإخلاص له والالتزام بنظمه وقوانينه نادرا جدا بل حتى هذه الندرة يريد مزيفو التعليم ومعهم عرابو الفوضى من منزوعي الذمة والضمير الوطني ـ تدميرها ـ حتى يكملوا تدمير كل منظومة إدارية بالبلد ثم يجلسوا فوق تلال ركام تدميرهم، وهذا الشيء هو واقعنا اليوم، وليصمت ويخرس كل من يقول غير ذلك أو حتى يشكك في ذلك.
[email protected]