بعد تألقه في تفنيد وفضح مآرب استجوابه الشخصاني وبمحاوره الباهتة والبايتة والمكررة سيرحل الوزير النظيف وصاحب الحس والضمير الوظيفي الوطني السيد مصطفى الشمالي ليس بسبب المنطق ولا بسبب ضعفه أو عدم كفاءته بل بسبب منطق القوة وبسبب الكثرة العددية المسيرة التي تتحرك وفق مصالح وأهواء خاصة وليس وفق ضمائرها، إن وجدت تلك الضمائر، فالبلد اليوم يسير بعكس المنطق بكل شيء وليس فقط بالبرلمان، بعد أن سيطر الانتهازيون والفوضويون والمزيفون وعديمو الضمير الوطني ومفضلوا الصالح الخاص والمصالح الضيقة للغاية على كل مرافق البلد.
ولكل مواطن «مخدوع» بالكلمات وبالتصريحات الرنانة التي تقول إن هذا الاستجواب وما سيتبعه وسيشابهه من استجوابات هو للصالح العام، نقول لهم لقد اختلط عليكم الحابل بالنابل فظاهر الأشياء ليس كجوهرها وهدفها الحقيقي الخفي، ونقول لهم أيضا خذوا من وقتكم غير الثمين بضع دقائق، وراجعوا بها جيدا كل استجوابات الزمن البرلماني غير الجميل، ودققوا بأسماء الوزراء المستجوبين، وبأسماء من استجوبهم من نواب ـ عندها ـ ستعرفون وبكل سهولة إلى أي منزلق خطير ومرعب نسير به كدولة وكمجتمع ـ بفضل ـ كيدية وشخصانية البعض وفجورهم بالخصومة، وهي كيدية وشخصانية وفجور مارسها البعض فهم لا يمتلكون العدد الذي يشرع كيديتهم وفجورهم، فما بالك اليوم عندما حانت فرصة الانتقام بعد أن أهداهم الظرف الإقليمي وليس المنطق الفرصة للسيطرة وللتشفي وللانتقام.
مرة أخرى يرحل وزير نظيف آخر خسرته الوزارة والوطن والمجتمع، وكالعادة سنبقى ننتظر ونتفرج حتى يرحل وزير المالية القادم حيث ستتهمه ماكينة الاتهامات غير المنطقية بنفس الأساليب والاتهامات وبنفس السيناريو البيزنطي الكئيب الذي مورس وسيمارس فقط ضد كل مسؤول نظيف الكف والضمير بالدولة.
وصدقوني.. بعض الناس في الكويت لن يهتموا إن تأخرت أو خربت ودمرت الدولة ومؤسساتها حيث هناك مكان آخر «يؤويهم» ولكنه مكان للأكل وللشرب وللصمت حيث لا ديموقراطية ولا صراخ ولا كيدية ولا شخصانية ولا فرصة للخصومة الفاجرة، وبالتأكيد سيتعودون على ذلك ومنذ اليوم الأول، أما المخلصون والمفتونون بعشق وبحب الكويت، فسيبقون كالعادة يطيبونها ويلملمون جراحها ويبنونها كما فعلوا دائما بالسابق، وستر الرب على الكويت اليوم، كما ستر عليها في كل الأيام والأوقات بالماضي.
[email protected]