يقول يوسف بن علي الفارسكوري:
لو كل كلب عوى ألقمته حجرا
لأصبح الصخر مثقالا بدينار
والحقيقة أن مجاراة السفهاء لا تليق بأولي الحجة والعقلاء، فالنزول إلى حضيضهم أمر لا يليق بكبار النفوس، والرذالة لا تترك صاحبها حتى ترميه بقارعة، وقتئذ تذهب السكرة وتأتي الفكرة، وتقع الفأس بالرأس، فلا تقال العثرة ولا تقبل التوبة، ولا يفيد النادم ندمه، وليس بالضرورة أن تشتم من شتمك أو تجاريه بأخلاقه الدنيئة:
إذا جاريت في خلق دنيئا
فأنت ومن تجاريه سواء
فالشجرة المثمرة ترمى بالحجر فتساقط ثمرا شهيا، وهنا تلعب التربية والنشأة الصالحة دورا كبيرا في شخصية الإنسان، فالحب على بذرة والبيئة هي الفصل في هذا الأمر، وكل يعمل على شاكلته، فالإناء ينضح بما فيه، ولله در ابن السكيت حيث يقول:
يصاب الفتى من عثرة في لسانه
وليس يصاب المرء في عثرة الرجل
والمؤسف حقا أننا صرنا نرى ونسمع شتائم في مواقع التواصل الاجتماعي تصل إلى حد القذف، وهذا هو المنكر بعينه وما لا يقبل جملة وتفصيلا، فالشريعة والقانون يعاقبان كل من يجنح إلى هذه الطريقة القذرة، ولا يستخدمها إلا ناقص عقل ودين وضعيف نفس، وهذا هو الغباء بعينه، فإن نجوت من القانون كيف لك أن تنجو من عقاب الله تعالى، ولك أن تنتقد أعمال شخص ما، وليس من حقك أن تنتقد ذاته وشخصيته وأسرته، فهل تقبل على نفسك أن تشتم في ذاتك وخصوصياتك وأسرتك؟ وهنا يكون هذا المسيء قاب قوسين أو أدنى من الوقوع في شر أعماله وأن يلاقي ما لا يسره.
يقول يوسف بن علي بن محمد الفارسكوري الشافعي الشاعر الناظم:
لو كل كلب عوى ألقمته حجرا
لأصبح الصخر مثقالا بدينار
فإن سمعت كلاما فيك جاوزه
وخل قائله في غيه ساري
فما تبالي السما يوما إذا نبحت
كل الكلاب وحق الواحد الباري
كم من لئيم مشى بالزور ينقله
لا يتقي الله لا يخشى من النار
وفي الختام، فإن الخوض في أعراض الناس بضاعة السفهاء والجبناء وسلوك مرضى النفوس، فلا بارك الله فيمن ديدنه هذا السلوك المشين الذي نهى الله عنه أشد النهي، وأترككم في رعاية الله.