عندما أسست ملتقى الجهراء كان الهم الأكبر لي خدمة الجهراء وأهلها، فقد عانت الجهراء من الإهمال وقلة المشاريع الحيوية، وتبرم الأهالي من هذا الأمر، الذي تسبب بانتقال عدد كبير من الأسر الجهراوية إلى داخل الكويت، ويكاد يكون هذا الإهمال متعمدا، وإن كنت لا أجزم بذلك، لكن الواقع يقول ذلك، وربما كان التقصير مناصفة بيننا وبين المسؤولين، وقد شاورت كبار السن من الأهالي، ومنهم العم الفاضل تريحيب عبدالمحسن البسام، قبل أن أعلن عن الملتقى، فشجعني وشد من أزري، فالحاجة ملحة لقيام هذا الكيان، سعيا في الخير وخدمة للناس، وقضاء مصالحهم بعيدا عن المزايدات والشعارات الزائفة، والجعجعة، والكلام الفارغ، فالناس ملت من الكلام وتريد أفعالا، ويشهد الله تعالى أن المصالح الشخصية لم تخطر لي على بال، ولم تكن في حسابي، فقد شبعت من الدنيا وشبعت مني، واغترفت من نهرها بكلتا يدي، وكل ما أريده خدمة الجهراء، وبالتالي خدمة الوطن الذي يعادل عندي دم الناظر، لعل وعسى أن أحصل على دعوة في ظهر الغيب تنفعني عند الله.
وقد سعيت جاهدا ومن معي إلى لفت انتباه المسؤولين إلى معاناة الجهراء ونقل هموم الناس بكل شفافية، ووفقت في ذلك، والجهراء في سويداء القلب، فهي أرضي وأرض أبي وجدي وجد جدي، وبفيه التراب من أنكر ذلك، تسعة من أهلي تساقطوا مثل النخل الأشم دون أسوار القصر الأحمر دفاعا عن الكويت وأولهم أمير الجهراء عبدالكريم السعيد، وليس هذا موضوعي وإنما الحديث ذو شجون، وقد أخلصت النية وبدأنا العمل في الملتقى متوكلين على الله وحده، بقلوب بيضاء، وفتح المسؤولون لنا قلوبهم قبل أبوابهم، وتعاونوا معنا، وبفضل من الله وحده لم نطرق باباً إلا ولجناه سواء أكان مسؤولا صغيرا أو كبيرا، بعزيمة وإصرار على خدمة الناس، وبشعار معلن لا نخفيه على أحد، «لا للحزبية لا للطائفية لا للقبلية.. الكويت أولا وأخيرا»، وجنينا ثمار نجاحنا في فترة وجيزة لصدق نوايانا.
وقد توج مشوارنا وجهدنا المتواصل بلقاء سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد وشرفت بهذا اللقاء الناجح والمثمر، وأسعدني جدا الدعم الذي حصل عليه الملتقى من سموه كون الملتقى كيانا خدميا لا شأن له بغير ذلك، فشكرا سمو الرئيس، شكرا من الجهراء التي عشت بها شطرا من عمرك، إلى مكتبك بقصر بيان، على حسن استقبالك لنا، لقد وجدت أمامي الرصانة والرزانة، والهدوء والاتزان، والعقلانية والتواضع الجم، وحسن الإنصات والاستماع لمن يحدثه دون مقاطعة، لا أقول ذلك متزلفا فليس من طبعي ذلك، ولكنها الحقيقة التي يجهلها بعض الناس، وقد كنت مستمعا جيدا لكل ما قاله لي ولمن معي من الأعضاء، واتسم لقاؤنا مع سموه بالصراحة والوضوح، فوجدت الجهراء، وأنا أعلم الناس بذلك، في قلب هذا الرجل، وقد بدأت شرعية وانطلاقة الملتقى لحظة خروجي ومن معي من مكتب سمو الرئيس، فشكرا ثانية وثالثة سمو الرئيس وأعانك الله على تحمل المسؤولية فرضاء الناس غاية لا تدرك، فمن استراح ضميره كفي الحل والترحال، وأبشروا بالخير يا أهل الكويت.. ودمتم سالمين.