ما تمر به البلاد في هذه الفترة منزلق خطير ينذر بما لا تحمد عقباه، فالأمور كما يبدو تسير من سيئ إلى أسوأ، شرارة في جوف الرماد لا ترى، تكاد أن تضطرم وتأكل الأخضر واليابس!
فما نراه من تلاسن وتشاتم وتشابك زاد عن حده، وتعدى الحدود المتعارف عليها، ما نراه تمرد على عاداتنا وتقاليدنا وقيمنا وثوابتنا التي تربينا عليها، لم يعد للاحترام مكان بيننا، كل ذلك باسم الحرية! ظلمت الحرية عندنا، وأصبحت أثرا بعد عين، فلم يعد لتمادي البعض حدا، ومن أمن العقوبة أساء الأدب، لذا وقع سقف الحريات الذي نتباهى به على رؤوسنا، وبتنا نمقتها، إن ما نشاهده من مهازل وشكاوى وفجور في الخصومة، بألفاظ غير مقبولة على مرأى ومسمع من العالم يجعلنا في موقف لا نحسد عليه، وربما ضحك الناس منا لاستخدامنا الحرية في غير محلها، عطلت مصالح البلاد والعباد وتوقفت التنمية، وزاد تمرد وعصيان بعض الناس وأصبح الأمر يثير القلق، وبتنا نخاف على مستقبل الكويت، التي يريد لها البعض أن تكون في مهب الريح.
لابد من وضع حد لهذه التصرفات المشينة التي نراها كل يوم، ولابد من اتخاذ قرار حيال هذا الانفلات المتعمد، ويكون هناك قرار حازم وحاسم يضع مصلحة الكويت فوق كل اعتبار، وكلما تأخر اتخاذ القرار زاد الطين بلة، لأن التأخير ليس في مصلحة البلد، كنا ومازلنا نريد الحرية، ونعشق الديموقراطية، ولكنها ليست التي نراها هذه الأيام، ما نشاهده تخريب لصرح ديموقراطيتنا وهدم لأساسها، ونسف لما وضعه بناة دستورنا، كاذب من يدعي أن ما نراه في الفترة الأخيرة ديموقراطية، كل هذه التصرفات والممارسات دستورنا منها براء، ويؤسفني ويحز بخاطري أن أقول إن الشدة هي العلاج الناجع، لقد استخدمت الديموقراطية حسب التوجه والهوى، وبديكتاتورية طغت عليها الأنا والنرجسية، فإما أن تكون معي أو أنك عدوي، وأقول لك ما لم يقله مالك في الخمر.
إلى متى هذا الاستخدام الخاطئ للديموقراطية، وأيهما أهم: أمن الكويت أم مجلس الأمة؟ وما الذي استفدناه من مجلس الأمة؟
يا أهل الكويت عضوا على وطنكم بالنواجذ، وانفوا عنكم كل من يريد تعكير صفوكم وبث الفرقة بينكم، فكلنا أبناء وطن واحد، والأمور تسير بأهل العقول الراجحة، وإن لم يكن الأمر كذلك سارت الأمور بالأشرار، كقول الأفوه الأودي:
تُهدى الأمور بأهل الرأي ما صلحت
فإن تولتْ فبالأشرار تنقاد
لا يصلح الناسُ فوضى لاسراة لهم
ولاسراة إذا جُهالهم سادوا
نتمنى قرارات جريئة تصب في مصلحة الكويت وأهلها، والشعب الكويتي بطبيعته محب لوطنه وولاة أمره، ومن شذ عن ذلك فيبشر بالخيبة، نحن بانتظار هذه القرارات، التي قد تحدث انفراجة في هذه الأزمة الخانقة. ..ودمتم سالمين.