ليس ثمة شيء يملكه الإنسان أغلى من الوطن، وإذا فقد المرء وطنه فقد كل شيء وأصبح وجوده كعدمه، ولا كويت بعد الكويت، ولله در ابن الرومي حيث يقول:
ولي وطن آليت ألا أبيعه
وألا أرى غيري له الدهر مالكا
عهدت به شرخ الشباب ونعمة
كنعمة قوم أصبحوا في ظلالكا
وحبب أوطان الرجال إليهم
مآرب قضاها الشباب هنالكا
إذا ذكروا أوطانهم ذكرتهم
عهود الصبا فيها فحنوا لذالكا
فقد ألفته النفس حتى كأنه
لها جسد إن بان غودر هالكافالوطن ثم الوطن ثم الوطن، فيا أبناء الكويت الله الله في وطنكم، عضوا عليه بالنواجذ، تأملوا ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم لتعرفوا قيمة الوطن، حيث قال وهو ينظر إلى مكة المكرمة: «والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله ولولا أني أخرجت منك ما خرجت» (رواه أحمد وابن ماجة والترمذي)، فلابد أن ننبذ وراء ظهورنا كل ما مضى من مشاحنات وتجاذبات إن أردنا الخير للكويت، فالكويت لم تعد تتحمل ذلك، نحن بحاجة إلى الإصلاح ونبذ الخلافات ورميها في عرض البحر والسعي نحو مصلحة الوطن، لا نريد أن نفرط بديموقراطيتنا، ولا نريد أيضا أن تكون حرياتنا بلا سقف، ولتكن فزعتنا للكويت كي نعبر بالسفينة إلى بر الأمان، الكويت بلد صغير لا يستوعب ما يحدث، كما أن أهله تعودوا على الوئام وأحبوا الأمن والسلام، فإلى متى ونحن على هذه الحالة فكل ما نراه ونسمعه يضر بالوطن، ويعطل مصالح البلاد والعباد، ولا تتهاونوا بهذه الأمور التي نراها وتقولوا سحابة صيف عن قليل تقشع، فمعظم النار من مستصغر الشرر، حتى لغة الخطاب أصبحت متدنية والأدهى أن الشباب باتوا يرددون هذه العبارات رغم انحدار عباراته، لم لا نضع لنا خطا أحمر لا نتجاوزه بأي حال من الأحوال، ولم لا نقبل بالرأي والرأي الآخر ومن سمح لك بفرض رأيك علي؟
إن التفريط بأمن الوطن كارثة، وإذا ذهبت الكويت ذهبنا وراء الشمس، ونحن في نعمة قل شاكروها، فلا تدوم النعم بمثل هذه الحالة التي نحن فيها، وقد أوصانا المولى عز وجل بذلك حيث قال: (وإذ تأذن ربكم لأن شكرتم لأزيدنكم ولأن كفرتم إن عذابي لشديد) «إبراهيم: 7»، فالله الله في هذا الوطن، وكونوا له أبناء بررة، إن أردتم لهذه النعمة أن تدوم.
إذا كنت في نعمة فارعها
فإن الذنوب تزيل النعم
وأترككم في رعاية الله.