لم يعد خافياً على أحد أن الشعب الكويتي بدأ يمتعض ويتضايق مما يراه هذه الأيام، فيا لكآبته من منظر بائس أجبرنا على مشاهدته في قاعة عبدالله السالم حتى كرهناه، إن ما يحدث في هذا المكان، الذي يفترض فيه احترام الرأي والرأي الآخر، أمر يجعلنا نكره الديموقراطية، لقد سمج وزاد عن حده، كيف لنا أن نشاهد سحب الكراسي والتشاتم، ووقوف الحكومة عند الأبواب وجلوس النواب على مقاعد الوزراء، وصولا إلى استخدام «العِقل» والتشابك على مرأى من العالم، إنها لوصمة عار في جبين الديموقراطية الكويتية، فهل ما نشاهده ديموقراطية وحرية رأي؟!
لا والله ما نشاهده فوضى ما بعدها فوضى، وضرب «إسفين» بين الشعب الواحد، إن الحالة التي تمر بها البلاد حالة غير مسبوقة، ولم نشاهد مثلها على الإطلاق، إلى أين نحن سائرون، الله أعلم، قد يظن المرء أن في الأفق انفراجة ولكن الواقع يقول لنا غير ذلك، فالفوضى العارمة التي نراها لها ما بعدها، وإزاء ذلك فالحنكة والحكمة مطلوبة، نحن بحاجة ماسة إلى أن نتفاهم، وأن نعرف أن مصلحة الوطن فوق كل شيء، فالكويت لا تستوعب كل هذه الفوضى، ولله در الأفوه الأودي حيث يقول:
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم
ولا سراة إذا جهالهم سادوا
ولا شك أن الفوضى لها أخطار وأضرار، ولن يكون هناك إنجاز يذكر في ظل ذلك، ما يثير الدهشة أننا لم نعد نعرف من يسعى إلى مصلحة الوطن ممن هو ضد ذلك، لكثرة أصحاب الآراء والمنظرين والمتفلسفين ومن يسير وراءهم، وكل هؤلاء يدعي حب الكويت، كقول القائل:
وكل يدعي وصلا بليلى
وليلى لا تقر له بذاكا
ولعل ما أدلى به سمو الأمير للزميل سعود السمكة يجعل من غاب عن وعيه يعي، لقد قال سموه كلاما يفترض أن يكون نبراسا لنا جميعا، فالدولة لديها من الإجراءات ما يوقف أيدي العابثين، نحن نؤمن بالديموقراطية ولكن ليس على حساب استخدامها في غير محلها، وخلال تأملي ما قاله صاحب السمو الأمير تذكرت قول قيس بن زهير العبسي:
أظن الحلم دل عليّ قومي
وقد يستضعف الرجل الحليم
ومارست الرجال ومارسوني
فمعوج علي ومستقيم
فلنراجع حساباتنا كما أمرنا صاحب السمو الأمير، ولنعد ترتيب أوراقنا قبل أن تضطر الدولة إلى استخدام الخيارات المتاحة لها، وهي قادرة على ذلك، ولا أخال هذا الأمر إلا سيكون عاجلا غير آجل والسبب نحن، وكل من يظن أنه قادر على تجاوز الخطوط الحمراء واهم، وليحفظ الله الكويت وأهلها من كل مكروه.