كثير من الأمور يلاحظها من يتابع مجريات الأحداث تثير الدهشة والاستغراب، ومنها أمر محير للغاية، وهو هذا الصراع الشرس الدائر بين أعضاء مجلس الأمة المحترمين! صراع ليس له نهاية، فكلما انتهى صراع بدأ صراع آخر والمسبحة تتتالى، بتراشق وتنابز وتلاعن، وواضح أنه مستمر وعلى نفس الوتيرة دون أدنى تغيير، ولا حل في الأفق، ليس مهما الإنجاز، فلا إنجاز ولا هم يحزنون، والأكثر دهشة وغرابة أن أسباب هذا الخلاف الحاد أمور غالبها شخصية بحتة لا شأن لمصلحة الوطن والمواطن بها، ولا ناقة للشعب فيها ولا جمل، حتى يخيل للمرء أننا نشاهد حلبة صراع، فهذا يشتم هذا وهذا يعتدي على هذا، والخاسر الأول والأخير المواطن.
ثم أننا نتعجب أكثر أيضا من قول البعض إن الشعب الكويتي يطالب برحيل الرئيسين، فكأنه قد أجري استفتاء على هذا الأمر لكافة الكويتيين وجاء نتيجة هذا الاستفتاء، (أيهات) حدث العاقل بما لا يعقل فإن صدق فلا عقل له، من نصبك لتمثل الشعب الكويتي، وتتحدث بلسانه، ثم هل أنتم من عينتم مرزوق الغانم رئيسا لمجلس الأمة كي تقيلوه؟ وهل هو موظف دولة تعينه الدولة وتقيله الدولة؟
الغانم نجح في الانتخابات ثم نجح رئيسا لمجلس الأمة بالتصويت أمام وسائل الإعلام المحلية والدولية، فكيف لكم أن تقيلوه؟، وبأي قانون؟، وكذلك رئيس مجلس الوزراء اختاره صاحب السمو، وهذا حق أصيل لسموه بنص الدستور، وهو أمر لا يخفى على أحد.
إن الأمور التي كانت غامضة على كثير من أبناء الشعب الكويتي وكنا نعرفها حق المعرفة باتت مكشوفة وظاهرة للعيان، عرفها من ليس يعرفها، فكل يسعى لمصلحته ليس إلا، أما الشعب الكويتي فله الله، لقد مللنا هذه الشعارات المكررة، وهذه الأسطوانة المشروخة ولم تعد ناجعة ولا مجدية، ومللنا مجلس الأمة برمته وسئمناه، وعلى الدولة القيام بدورها على أكمل وجه وألا تترك الحبل على الغارب وتقف وقوف المتفرج.
أما مجلس الأمة الموقر فقد كان لدينا مجلس أمة، أما اليوم فكأن شيئا لم يكن، الشعب الكويتي يريد زيادة في الرواتب ويريد تعديل أوضاعه، وجزء كبير منه أنهكته القروض ويريد إسقاط القروض والمتقاعدين يريدون أرباحا، فهل تبنيتم هذا الأمور وسعيتم فيها قدما حتى أنجزتموها كي نقف احتراما وإجلالا لكم.
نحن نريد فعلا ولا نسمع إلا صراخا لا يغني ولا يسمن من جوع، وكل المشاريع المهمة معطلة حتى إشعار آخر، نحن نعلم أن مجلس الأمة مهم للغاية ولكنه مع بالغ الأسى والأسف فقد أهميته بفعل فاعل، وأصبح في خبر كان، فإلى متى ونحن على هذه الحالة المزرية؟ فاللهم اهد النفوس واعبر بنا إلى بر الأمان.