الكذب أنواع، هناك كذب نمرره ويقبله العقل على مضض، وهناك كذب لا يمكن أن نصدقه أو نقبل به بأي حال من الأحول، والملاحظ اليوم من خلال متابعتنا لمواقع التواصل الاجتماعي أن البعض أخذ بمقولة اكذب اكذب حتى يصدقك الآخرون، وهو شعار أناس كثر ممن يستخدمون هذه المواقع بكل برود وصفاقة، وبلا أدنى خجل، وصاحب هذه المقولة المشهورة والمشؤومة اكذب اكذب حتى يصدقك الآخرون وزير الدعاية السياسية في عهد الديكتاتور النازي أدولف هتلر (غوبلز) وكانت نهايته الانتحار.
وقد أصبح عندنا اليوم آلاف مؤلفة ممن هم على شاكلة هذا الرجل، لقد ملأ هؤلاء الكذابون هذه المواقع حتى فاضت بهم، فهم يكذبون ويكذبون كي يُعرفون ويشتهرون، يريدون أن يعرفهم الناس بهذه الطريقة، ولكنهم في الحقيقة يُنبذون ويكرهون ولا يخالطهم الناس، واليوم كل شيء بات مفتوحا وعلى الهواء في كل بقاع الدنيا فاكذبوا قدر استطاعتكم فلن يصدقكم إلا من هو على شاكلتكم، فالإشاعات والأباطيل لن تغير من الحق شيئا، فمتى رأينا الوهم أصبح حقيقة؟ ومتى انتصر الكذب على الصدق؟
قد تستطيع خداع بعض الناس بأكاذيبك ولكنك دون شك لن تستطيع إطلاقا خداع كل الناس، ومن يصدق الكذب ويروج له ويحاول جاهدا أن يقلب الوهم إلى حقيقة ما هو إلا مريض، وعليه أن يسارع في مراجعة طبيب نفسي ويعرض عليه حالته لعل وعسى أن يجد له دواءً يجعله يصحو من الوهم، والمشكلة الأكبر أنهم يريدون أن نصدق ما يقولون دون أن نتروى ونسأل ونستقصي ونتحقق، وإن لم نصدقهم فنحن ألد أعدائهم.
إن مواقع التواصل الاجتماعي سيف ذو حدين يمكنك استخدامها بما يعود عليك بالنفع ويمكنك استخدامها بما يضرك ويسبب لك المشاكل ويضر غيرك، ومن يجنح إلى الكذب إنما هو في عزلة من الناس يحاول الخروج منها بهذه الطريقة الفجة المقيتة فينشر الأكاذيب ويصدقه البعض وفي النهاية لا يصح إلا الصحيح، لأن الحقيقة ستُعرف عاجلا أو آجلا، فيصبح هذا الكاذب لا قيمة له بين الناس لأنه أساساً نشأ في بيئة غير صالحة، والنشأة هي الأساس، هذا ما نراه هذه الأيام ويشعرنا بالغثيان، فمتى يكف هؤلاء الناس المحسوبون علينا عن هذه العادة السيئة؟