«الهياط» اضطراب سلوكي لا يتناسب وطبيعة الإنسان، لأنك تضفي على نفسك صفات ليست موجودة فيك، وفي هذه الحالة تكون مريضا نفسيا وتحتاج إلى علاج نفسي.
أما الكلمة فهي تعني القول الكثير أمام فعل قليل، والظهور بمظهر لا يناسبك، والعرب يقولون «هياط ومياط» وربما أضافوا كلمة «زياط»، وقد فسرها ابن منظور في لسان العرب بأنها اضطراب وجلبة وشر وصياح.
أما نحن فنقول: إذا تكلم المرء وبالغ في كلامه أصبح كلامه هياطا، وغالبا أهل الهياط يحبون الظهور كثيرا حتى وإن كان لأمر بسيط حتى يلفتوا الأنظار إليهم بتحد وغطرسة وكبرياء وعنجهية ليست في محلها، ويبالغون في الشيء مبالغة كبيرة، ولا يلتفتون إلى النصح بل يسيرون على قول القائل «خالف تعرف»، وهذه ظاهرة انتشرت انتشارا كبيرا في مجتمعاتنا الخليجية وغيرها من المجتمعات وبتنا نراها وبكثرة، مع العلم أن هذه الظاهرة المشؤومة قد تودي بصاحبها إلى ما لا تحمد عقباه.
كما أن هناك هياطا اجتماعيا ما أنزل الله به من سلطان يكمن في المبالغة بالأمور والتفاخر والمباهاة خاصة بالولائم والملبس، وهذا هو السرف والبذخ الذي نهانا المولى عز وجل عنه فقال: (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا) «الإسراء: 29»، والحق أن الله تعالى لم يكلفنا فوق طاقتنا بل أمرنا بالقصد في كل الأمور، هذه العينة من الناس يريدون الشهرة إلا أنهم ضيعوا طريقها.
وسبحان الله الذي له في خلقه شؤون، فالمهايطي متشبع بما ليس فيه، وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يقول «المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي وزر»، فلم هذا التصنع المفتعل؟ علما بأن المرائي والمهايطي وجهان لعملة واحدة، ولكن لا حياة لمن تنادي. إن كثيرا ممن أصيبوا بهذا الداء العياء كلفوا أنفسهم عناء طويلا وشرا وبيلا، لأنهم إن أرادوا العودة إلى ما كانوا عليه فلن يستطيعوا ذلك، فكيف يرانا الناس وما يقولون عنا وعلى هذه الأسطوانة المشروخة، مع أن الأمر ليس صعبا كما يتصورون، فأنتم ستعودون إلى حياتكم الطبيعية، ولو استمعنا إلى كل ما يقوله الناس لما خرجنا من بيوتنا، ورضاء الناس غاية لا تدرك. وقد ابتلي كثير من الشباب بهذه الظاهرة التي تشكل خطرا على حياتهم خاصة ظاهرة التفحيط التي انتشرت عندنا، وللأسف كثير من الشباب فقدوا أرواحهم بسبب هذه العنتريات فأدموا قلوب أمهاتهم وآبائهم، نسأل الله أن يهدي الجميع لما فيه الخير، ودمتم سالمين.