كل ما يذهب عقل الإنسان يعد من الخبائث التي حرمها الله تعالى على عباده، فزينة المرء ووقاره عقله، وبه يميز الخير من الشر، وعندما يغيب هذا العقل يصبح الإنسان والحيوان في مسلاخ واحد، مما يجعله يرى المحظورات مباحة فيقتحمها، ويرى الممنوع مسموحا به فيفعله، حتى يصل به الحال إلى الاعتداء على والديه، وهذا هو الخطر المحدق بنا.
وما أعنيه آفة المخدرات، والحق أن هذه الآفة أضرت إضرارا بالغة بمجموعة لا يستهان بها من الشباب، ففتكت بهم وأذهبت عقولهم، وحطمت مستقبلهم، وأودت بهم إلى التهلكة، ولقد تفشت هذه الظاهرة الخطيرة عندنا وانتشرت انتشارا كبيرا، ومع بالغ الأسى والأسف لم تقتصر على الشباب فقط، وإنما وقع في شباكها شابات في عمر الزهور، وأصبحنا نطالع قصصا وبشكل شبه يومي تثير الشجن وتنذر بالشرور وعظائم الأمور نتيجة الإدمان، وهذا دليل انتشارها، ولا شك أنها دمار ما بعده دمار على الفرد والأسرة والمجتمع، وهي مصيبة المصائب، وليس ثمة اسم يناسبها سوى قرن الشيطان وسلاح إبليس.
ومن أضرار المخدرات وهي كثيرة هذه الحوادث المرورية التي قضت على المئات والآلاف من الشباب بسبب الإدمان، وبالأمس القريب طالعتنا الصحف بخبر وفاة شاب وشابة في مقتبل العمر في سيارتهما بسبب جرعة زائدة أودت بحياتهما، إن من أدمن على تعاطي المخدرات بكافة أنواعها بما في ذلك أقراص الشيطان، يسير إلى الهاوية بمحض إرادته، ويكتب نهايته بيده، فما يتعاطاه يجعله يركب الصعب ويظنه ذلولا، فيسير على وجهه بلا هدى ورشد، ويعرض نفسه وغيره للخطر، وكلها أوبئة خطيرة تؤدي إلى الموت، وهي شر مستطير، وداء العصر.
فهذه فتاة جميلة وعاقلة تزوجت بشاب رأت فيه المواصفات التي تحلم بها كل شابة، فوافقت على الاقتران به، وفرحت، إلا أنها في الحقيقة كانت تعيش في وهم، فلم تكن تعرف أنها أساءت الاختيار، وأن موافقتها على حساب سعادتها ومستقبلها، وما هي إلا أيام قلائل حتى انقلب فرحها إلى حزن، لقد اكتشفت هذه المسكينة أن فارس أحلامها الذي اختارته زوجا لها يتعاطى الهيروين، ولا يستطيع الإقلاع عنه ففضلت الطلاق على العيش معه، ومثل هذه الفتاة الكثير.
والحق أن أجهزة الأمن لم تقصر في مكافحة هذه الآفة، فهي تعمل مشكورة ليل نهار بجد واجتهاد ويقظة وحزم للقضاء عليها، وتلاحق من يبيعها ويتعاطاها ويجلبها باستمرار، وتعلن وبشكل مستمر القبض على شحنات من المخدرات بأنواعها، وتقوم بجهد جبار، وتبذل ما في وسعها، إلا أن الأمر ليس بالسهل ويحتاج إلى مراقبة شديدة برا وبحرا وجوا على مدى وقت طويل.
والمخدرات أخطر من المسكرات لأن من يتعاطى المخدرات لا يمكنه أن يقلع عنها، ومن أسباب إقبال الشباب على الإدمان المشاكل النفسية والضغوط العصبية ورفقة السوء وتوافر المال، ولعل الأهم من ذلك ضعف رقابة الأسر على أبنائها، فعلى الأهل مسؤولية متابعة ومراقبة الأبناء والوقوف إلى جانبهم عندما يتعرضون لمشاكل وأزمات نفسية، كما أنه لابد من التوعية بمخاطر هذه الآفة وبيان أضرارها الجسيمة.
ولا شك أن من الأسباب الرئيسية في الوقوع في شرك الإدمان عدم الوعي الكافي بمخاطرها وأضرارها. نسأل الله أن يحمي أبناءنا من هذه الآفة ويشملنا بالأمن والأمان.. ودمتم سالمين.