محمد ناصر السنعوسي، نجم أضاء سماء الكويت، رحل أمس عن دنيانا الفانية.. فقدناه، رحمه الله، ونحن ما زلنا في حاجة إلى فكره وآرائه وتوجيهاته، فهو إعلامي من طراز فريد، حظي بفكر نيّر وثقافة وتجديد وحب شديد لوطنه الكويت.
إن الإنجازات الإعلامية التي قام بها السنعوسي أشهر من أن تذكر، خاصة خلال تسلمه مسؤولية تلفزيون الكويت، وقبل ذلك مع بداية بثه الأول، وهو صاحب فكرة نادي الكويت للسينما وفرقة التلفزيون، كما أنه وراء إنتاج فيلمي الرسالة وعمر المختار، وله الكثير من الإنجازات التي لا يسعها هذا المكان.
كان، رحمه الله، بحق منظومة إنسان تحلت بالقيم السامية والمواقف الثابتة والفكر والتميز والثقة في النفس والنزاهة، فقد حقق الريادة في كثير من الأعمال الرائعة، وهو بحق سيرة عطرة تستحق الإشادة والتقدير، فتجربته تصلح أن تدرس في الجامعات وأن يحضر لها الماجستير والدكتوراه، فهو مؤسس ورائد من طراز فريد، وبالإضافة لما ذكرته فهو أول من صور الفيديو كليب في الكويت، وأول من أثار على الشاشة قضايا أسرية غائبة وناقشها، وأول من تولى إدارة مهرجان فني خليجي، وأول من أطلق معرضا للصناعات الوطنية، وأول من قدم مشروعا للتلفزيون الخاص، وأول من أطلق مبادرة تأسيس المسارح الخاصة، وأول من طرح فكرة القنوات الفضائية، فهذا الرجل سابق وقته ومبدع ومبتكر ومجدد بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، فقد سبق زمانه وأتعب من بعده وحاز قصب الرهان عن جدارة.
ثم إن شخصية الراحل الكبير محمد السنعوسي كانت قائمة بذاتها لا تشبه أحدا ولا يستطيع أحد التشبه به ولن يتكرر هذا الرجل، ومن خلال مخالطتي به ومعرفتي الطويلة له أقول إنه معروف بأخلاقه الكريمة، ووفائه لأصحابه، دقيق في عمله ومواعيده، ذكي إلى أبعد حد، يلفت الانتباه بتواضعه الجم وتعامله الراقي ولطافته وصفاء ذهنه، عندما تجلس معه ويحدثك تتذكر كل ما هو جميل في الكويت، ولا أبالغ إذا قلت إنه ثروة قومية، فكل من يبحث في الإعلام الكويتي يجد السنعوسي أمامه طودا شامخا، وقد أثر تأثيرا بالغا في نجاحه، كما أنه تحمّل الكثير من الهموم بصلابته المعهودة وقوة شخصيته، ومن ذلك وفاة ابنه الأكبر طارق، وغير ذلك الكويت، وحتى تتضح صورة هذا الرجل الكبير فهو لم يصل إلى ما وصل إليه صدفة، وإنما بالجد والمثابرة والعمل الدؤوب، ومهما تحدثنا عن هذا الرجل لن نوفيه حقه، فهو أكبر وأجدر من هذه السطور المتواضعة.. رحمك الله أبا طارق رحمة واسعة، وجزاك خيرا عن خدمتك لوطنك ما يربو على الستين عاما والعزاء موصول لأسرته الكريمة وأهل الكويت.