تعتبر التجربة البرلمانية الكويتية تجربة رائدة على مستوى المنطقة، وفخرا لنا، وقد عايشت أجيالا وأجيالا، ومع ذلك فهي لا تخلو من الشوائب، خاصة ما نراه في الآونة الأخيرة من كثرة الخلافات بين الحكومة والمجلس، حتى إن كثيرا من الناس لم يعودوا يعلقون آمالا كثيرة على مجلس الأمة، رغم أنه وضع لمصلحتهم.
أما وقد ظهرت نتائج الانتخابات وفاز من فاز وخسر من خسر، فعلى مجلس الأمة الجديد معالجة أخطاء المجالس السابقة، وردم الهوة بينه وبين الحكومة، وحل كل الأزمات العالقة، وتحقيق الاستقرار السياسي الذي لطالما انتظرناه، وكي نصل بسفينتنا إلى بر الأمان علينا المسارعة بإيجاد الحلول المرضية لكل المشاكل التي وقعت بها المجالس السابقة والحكومات.
وكي نعالج الخلل، علينا معرفة أسبابه ليتسنى لنا علاجه، فالناس اليوم تشعر بالإحباط، خاصة أن المواطن لم ير شيئا ملموسا يصب في صالحه أو إنجازا يشجعه على تغيير نظرته لمجلس الأمة وللحكومة، فلا تغيير يذكر في المشهد السياسي، وإن كان هناك تميز وإنجاز في هذه الانتخابات الأخيرة فهو القضاء على شراء الذمم والفرعيات العنصرية، وهذا إنجاز كبير يحسب للحكومة، ومع ذلك فقد لاحظنا أن الكرسي النيابي لم يعد مغريا كما كان في السابق، ولم يعد الناخب متحمسا لمجلس الأمة.
ومن أسباب ذلك، أننا رأينا ثلاثة مجالس نيابية في أقل من ثلاث سنوات، ومع ما ذكرت فنحن لم نفقد الأمل في الإصلاح وتحريك الجمود السياسي الذي أصاب العمل البرلماني والحكومي معا، فالإصلاح ليس صعبا ولا مستحيلا إذا كانت لدينا النية والعزم والإرادة للتغيير، ولا نريد أن نتشاءم بل نحن متفائلون بالخير، ولا نود أيضا أن نستبق الأحداث، ولكننا نذكر، وكل ما نرغب فيه ونطمح له الاستقرار السياسي والتجانس والتعاون بين الحكومة ومجلس الأمة من أجل مصلحة الوطن.
وفي النهاية، نتمنى صادقين ألا نعتبر الديموقراطية نقمة، بل نريد لها أن تكون نعمة كما شرع لها والله الموفق، ودمتم سالمين.