العقل زينة الإنسان، وبه يميز الصواب من الخطأ، ومن خلاله عرف العبد خالقه سبحانه وتعالى دون أن يراه، وكل الموجودات في حياة الإنسان خاضعة لعقله، لذلك فالعقل السوي يرفض ما لا قيمة له وغير المقنع أو النافع، ولكن هناك ثمة أناس تفهم بقلوبها لا بعقولها فتنجر وراء عواطفها، وقد يقود القلب العقل في كثير من الأحيان، فهناك علاقة تلازمية واقتران نسبي بينهما وقد يقود القلب المرء إلى الخطأ وقد يكون خطأ فادحا.
والحقيقة أن هناك صراعا طويل الأمد بين عقولنا وقلوبنا لا ينتهي، وقد ينعكس ذلك سلبيا على المرء، ما يجعلنا نجد أمورا يريدها القلب ويرفضها العقل فتتصارع الإرادتان في نفس الإنسان حتى تنتصر إحداهما على الأخرى، وقد ذهب البعض إلى أن الحيرة أساسها الصراع بين قلب يريد وعقل يرفض.
ومن هنا يقول سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام: «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب» (متفق عليه)، وفي ذلك يقول الشاعر:
وقال العقل دعه ولا تزره
وقال القلب فلتذهب إليه
حديث العقل موضوع ولكن
حديث القلب متفق عليه
وفي النهاية تنتصر إرادة القلب وتهزمها في كثير من القرارات التي يتخذها الناس، وقد أثبتت دراسات وبحوث لأطباء أن المرضى الذين زرعت لهم قلوب اصطناعية فقدوا الإحساس والعواطف والقدرة على الحب وعانوا من خلل في الإدراك والفهم وحدث تغير ملحوظ في شخصياتهم.
وفي تاريخنا الإسلامي الأول نجد الصحابة رضوان الله عليهم عرفوا الحق بعقولهم بدافع من قلوبهم فنبذوا الأوثان وعبدوا الله حق عبادته، فلا تجعل لقلبك عليك سلطانا في اتخاذ قراراتك المهمة واجعل للعقل حيزا ومكانا في حياتك، فبه تدرك وتميز كل ما حولك فكبار العلماء لم يصلوا إلى اكتشافاتهم بقلوبهم وإنما بعقولهم، واعلم انك ستخسر وحدك وتندم ولكن بعد فوات الأمر. ودمتم سالمين.