المساواة تعني عدم التمييز بين الأفراد، وهي مأخوذة من السواء وهو العدل، والعدل هو إعطاء كل ذي حق حقه، ووضع كل شيء موضعه، اما الظلم فهو التعدي على الغير والجور والعتو ومجاوزة الحد، وهو عكس العدل الذي أمر الله تعالى به عباده:
وما من يد إلا يد الله فوقها
ولا ظالم إلا سيبلى بأظلم
وهذه المقولة (المساواة في الظلم عدل) منتشرة بين الناس، وهي مقولة ما أنزل الله بها من سلطان، وللأسف البعض يتعامل معها كأنها قاعدة وأساس يبنى عليه، وهي قاعدة هشة، لم ترد في القرآن الكريم ولا بالحديث الشريف ولم ترد حتى عن السلف الصالح، والحق أنها مقولة باطلة جملة وتفصيلا، ولا أساس لها من الصحة ولم تقرها شريعة سماوية، فالعدل عدل والظلم ظلم، فالظلم لا يتقسم، قضى بذلك الملك الحق، فمتى كان في الظلم عدل أو مساواة؟ وهو مبني على عدم العدل والمساواة، وقد روى النبي صلى الله عليه وسلم عن الله تبارك وتعالى انه قال: «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا» (رواه مسلم).
إن المساواة في الظلم ظلم بعضها فوق بعض، وهذه المقولة غير بعيدة عن قولهم: الخير يخص والشر يعم وهي أيضا ضد ما أمر الله تعالى به حيث يقول عز من قائل: (ولا تزر وازرة وزر أخرى) وكذلك قوله: (من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد ـ فصلت: 46)، وعلى السياق نفسه قول الناس أيضا: خيرا تعمل شرا تلقى، وفيه مخالفة صريحة لقول الله تعالى: (وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان) وما فعلت من خير إن ضاع عند الناس فلن يضيع عند رب الناس، وستأخذ أجرك كاملا بإذن الله، إن هذه الأقاويل الباطلة فيها شك بشريعتنا السمحاء وهي تذكرني بقول ابن قيم الجوزية:
إن كنت لا تدري فتلك مصيبة
وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم
وقد قيل في الامثال: صدق العاقل بما لا يعقل، فإن صدقك فلا عقل له، وعش رجبا ترى عجبا، ودمتم سالمين.