قد تكون الأحلام حقيقة في بعض الأحيان، وقد تكون أضغاثا لا معنى لها، وحديثي اليوم عن غريبة من الغرائب رواها صاحب «العقد الفريد» ابن عبدربه وصاحب «الأغاني» وغيرهما، فقد ذكر هؤلاء المؤرخون أن عدي بن حاتم الطائي قال: نزلت رفقة ليلا بالقرب من قبر حاتم الطائي وفيهم رجل اسمه أبو الخيبري وهم من عبد قيس، فجلس أبو الخيبري بالقرب من قبر حاتم وجعل يضربه برجله ويقول: قم أبا الجعد (كنية حاتم) أقرنا، فيقول له أصحابه: مهلا أبا الخيبري، مالك وهذا ! أتنادي رمة بالية؟ فيأبى ذلك ويقول لهم: كلا زعمت طي أنه لم ينزل به أحد إلا قراه، ثم يقول: قم أبا عدي أين ما زعمت طي؟ واستمر باستهزائه وسخريته حتى غلبه الوسن فنام مكانه، فلما كان السحر وثب مذعورا وهو يصيح: وا راحلتاه، فعجب منه أصحابه وقالوا له: ما بك وما شأنك؟ قال: خرج والله حاتم بالسيف وعقر راحلتي وأنا أنظر، فقام القوم ينظرون فإذا هي لا تنبعث، فقالوا له: قد والله قراك حاتم، ثم نحروها وظلوا يأكلون لحمها حتى شبعوا، ثم أردف أحدهم أبا الخيبري على راحلته وساروا، وبينما هم في طريقهم إذا براكب متوجه نحوهم على بعير وقد قرن به بعيرا آخر، فاقترب منهم وقال لهم: أنا عدي بن حاتم فمن منكم أبو الخيبري؟ فقال: أنا، قال: جاءني أبي حاتم في المنام وذكر لي ما قلته عند قبره، وانه أقراك وأصحابك راحلتك وأمرني بأن أعطيك هذا البعير عوضا لك وقال لي أبياتا رددها علي حتى حفظتها وهي:
أبا الخيبري وأنت امرؤ
حسود العشيرة شتامها
فماذا أردت إلى رمة
بدوية صخب هامها
أتبغي أذاها وإعسارها
وحولك غوث وأنعامها
وهذه قصة أقرب إلى الخيال منها إلى الواقع إلا أنها مذكورة في مراجع تاريخية معتبرة.
وفي الختام قد يظن كثير من الناس أن حاتم الطائي مشرك كونه عاش في الجاهلية والحقيقة انه كان من الموحدين والدليل على ذلك قوله:
أما والذي لا يعلم السر غيره
ويحيي العظام البيض وهي رميموهذا دليل واضح على توحيده، ودمتم سالمين.