أصل العاطفة العطف والميل والشفقة والرحمة، وجمعها عواطف، وهي مجموعة من المشاعر والأحاسيس الجسدية إضافة الى الإدراك والوعي، تعكس ردة فعل الشخص تجاه المواقف والأمور التي تمر في حياته ويواجهها بشكل يومي، وكلنا يمتلك العاطفة إلا أنها متفاوتة، وأما الإنسان المنزوع العاطفة والخالي من المشاعر، فلا قيمة له ولا تأثير، لأنها مهمة للغاية في حياتنا الشخصية سواء مع الزوجة والأبناء أو في تعاملنا مع الناس، وكثيرا ما يتصارع العقل والعاطفة في نفوس البشر، وهو أمر طبيعي إلا أنه على الغالب تنتصر العاطفة على العقل، وهي في النساء أكثر وضوحا منها في الرجال، فالنساء بطبعهن عاطفيات، ولا غنى للمرء عن العاطفة في كل الأحوال، شريطة ألا تطغى على تصرفاته وميوله وتوجهاته، بمعنى أن تكون راشدة ورزينة، فهناك أمور كثيرة تحتاج الى العقل لا مكان للعاطفة والمشاعر فيها، ومن الشواهد على ذلك ما رواه النعمان بن بشير الأنصاري (أول مولود للأنصار بعد الهجرة) فقد ذكر أن أباه بشير جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: يا رسول الله إني نحلت (أعطيت) ابني هذا غلاما كان لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ قال: لا، قال: فاردده، أتحب أن يكونوا في البر سواء؟ قال: بلى، قال: فاتقوا الله واعدلوا في أولادكم، فرد الغلام. ونحن نرى ونسمع أن كثيرا من الآباء والأمهات يفضلون بعض أبنائهم على البعض الآخر بفعل العاطفة الخاطفة لقلوبهم، والحب الشديد كنحو قول الشاعر:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة
ولكن عين السخط تبدي المساويا
وهذا ما لا يجوز شرعا وعقلا ومنطقا، فقد يترتب على ذلك الكره والحقد بين الأبناء، وهنا مكمن سطوة العاطفة على مجريات حياتنا، فلا ندع العاطفة تغيب عقولنا، وتجعلنا نرتكب أخطاء ما كنا لنرتكبها لولا العاطفة، ولنتحكم بعواطفنا بدلا من أن تتحكم فينا وتشرّق بنا وتغرّب، ولنجعلها إيجابية في حياتنا، وخير الأمور الوسطية، ودمتم سالمين.