البلاء في اللغة المصائب والمصاعب والمحن، والمنطق هنا معناه القول والكلام، والحذر كل الحذر من فلتات اللسان، فإنه يودي إلى المهالك، وقد قال الشاعر:
يصاب الفتى من عثرة في لسانه
وليس يصاب المرء في عثرة الرِّجْل
فعثرته من فيه ترمي برأسه
وعثرته بالرِّجل تبرأ على مهل
وعنوان المقالة هو مثل وليس آية قرآنية او حديث شريف وإنما هو أثر وارد عن بعض الصحابة والتابعين، يقول أحد الشعراء:
لا تنطقن بما كرهت فربما
نطق اللسان بحادث فيكون
والمعنى لهذا المثل أن المرء قد يتكلم بكلمة فيصيبه بلاء وشر وفق ما نطق به، فتكون هذه الكلمة باعثة للشر، والهدف من هذا المثل تحذير الإنسان من النطق بالسوء، أما قضاء الله وقدره فلا راد له، وكان الرجل الصالح إبراهيم النخعي يقول: إني لأجد نفسي تحدثني بالشيء فما يمنعني من التكلم به إلا الخوف أن ابتلى به، ولدينا من الأمثلة الكثير، فقد قال النبي يوسف عليه السلام (قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه) [يوسف: 33] فوقع له ما أراد بمشيئة الله تعالى، فرضي بأمر ربه وتوكل عليه، ويروى أن الشاعر العباسي المؤمل بن أميل المحاربي رأى في الحيرة فتيات بارعات الجمال فاندهش وقال:
شف المؤمل يوم الحيرة النظر
ليت المؤمل لم يخلق له بصر
يكفي المحبين في الدنيا عذابهم
والله لا عذبتهم بعدها سقر
فأتاه بعد ذلك آت في المنام وسأله عن البيتين هل هما له؟ فقال: نعم، فقال له: كذبت يا عدو الله ثم أدخل أصابعه في عينيه واقتلعهما وقال: هذا ما تمنيت، ثم انتبه فإذا هو أعمى والبلاء موكل بالمنطق، ودمتم سالمين.