الأمل رجاء ما تحبه النفس من طول عمر وزيادة غنى وصحة وعافية وهو قريب من التمني، والإنسان في هذه الدنيا لا ينفك من الأمل وإن فاته الأمل عول على التمني، ويقال: الأمل إرادة الشخص تحصيل شيء يمكن حصوله فإن فاته تمناه، والحقيقة أن فسحة الأمل هي الباعثة للعمل حتى لو مررنا بعثرات، والأمل أولا وأخيرا بالله تعالى، فهو القائل عز من قائل (فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا) ولن يغلب عسر يسرين، وكانوا يقولون في الأمثال: لا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس، وهذا النبي إبراهيم عليه السلام بشرته الملائكة المكرمون بغلام، فتعجب واندهش لأنه تخطى سن الأمل إلى شيخوخة اليأس، فطمأنوه قائلين له (قالوا بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون) (الحجر: ٥٦،٥٥) وإبراهيم لم يكن قانطا، بل قال على وجه التعجب، والمرء إذا فقد الأمل والرجاء سلم نفسه للقلق والاكتئاب واليأس والقنوط، وقد قال الله تعالى (لا تقنطوا من رحمة الله ـ الزمر)، ثم ان الأمل نزعة إنسانية وطبيعة بشرية وهو مطبوع في نفوس البشر ولولا الأمل ما تهنّا أحد بعيش أبدا، ولا صلحت أحوال الناس في حياتهم ومعاشهم، يقول الحسين بن علي الطغرائي:
أعلل النفس بالآمال أرقبها
ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل
والمذموم في هذا الجانب طول الأمل والانقياد له لأنه يلهيك عن مآلك وآخرتك، وهو داء عضال، ومرض مزمن متى تمكن من القلب أفسد المزاج وصعب العلاج، كنحو قول الشاعر:
ألم تر حوشبا يبني
قصورا يرجّي نفعها لبني بقيله
يؤمل أن يعمر عمر نوح
وأمر الله يحدث كل ليله
أما الأمل فهو أشبه بالنافذة التي تتنفس من خلالها الهواء، وفعله فعل الدواء الناجع في جسم المريض، ودمتم سالمين.