الصنائع جمع صنيعة، وهي كل ما عمل من خير أو إحسان أو بر يراد به وجه الله تعالى. والمعروف أيضا هو كل عمل طيب يميل إليه القلب من أعمال صالحة، ومن اجمل الكلمات قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه (صنائع المعروف تقي مصارع السوء) وهذا كلام رائع، يصدقه النقل والعقل، فقد بين لنا المولى عز وجل عاقبة فعل الخير في قصة النبي يونس عليه السلام حيث قال (ولولا أن كان من المسبحين للبث في بطنه الى يوم يبعثون - الصافات: 144) فقد أنجاه الله من الهلاك بفعله الخير، وكذلك قول السيدة خديجة رضي الله عنها لزوجها النبي صلى الله عليه وسلم: «كلا والله لايخزيك الله أبدا، فإنك لتصل الرحم وتحمل الكَلّ، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الدهر» فكان الأمر كما قالت، فمحاسن الأفعال تدل على حسن العواقب، وكرم البداية يدل على جلال النهاية، وما من شك أن صنائع المعروف ذخر للمرء في دنياه وآخرته، فما تقدمه لنفسك من خير أكان كثيرا أو قليلا تجده أمامك أضعافا مضاعفة، يقول الله تعالى (مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم -البقرة: 261) وقد قال الحطيئة الشاعر في ذلك:
من يفعل الخير لايعدم جوازيه
لايذهب العرف بين الله والناس
إن صنائع المعروف تقي المرء من الآفات والهلكات، وصدقة السر تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم زيادة في العمر، وكل معروف صدقة صغر أم كبر، وقد أمرنا ديننا الإسلام بالبر وفعل الخير مثلما اخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم: أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة وأهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة، والبركات بالمسارعة في الخيرات، واليوم بفضل الله ننعم بالخير الوفير والنعم الكثيرة، والعمل الصالح في متناول اليد، وقد سبقنا أناس لهم في هذا المضمار باع طويل، فلنقتد بهم ونسير على هديهم ونقدم ما نستطيع تقديمه، ودمتم سالمين.