كلمة تطلق على أمور وأشياء كثيرة أبسطها وأسهلها، بل أنعمها ما نجده في شراب الليمون وغيره من الأصناف المماثلة، ولكنني هنا أعني أمرا آخر، إنها حموضة المفهومية التي لا طعم لها ولا رائحة، حموضة الكراهية، حموضة العنصرية، حموضة دمار المجتمعات، اتركوا عنكم العنوان ودعوني أقص عليكم موقفا حماسيا مرتبطا بشخصية مقالنا السابق (الشامخ عبدالهادي العجمي).
طُرح سؤال على أحد كبار فلاسفة التاريخ من قبل طالبة لها مكانة كبيرة في قلبه ووجدانه، ويعتبرها جزءا من حياته، وسألته: كيف نستعيد مكانتنا بين البلاد المجاورة لنا، كيف نعمل على الاستقرار المجتمعي والنفسي والأمني والاقتصادي، كيف لنا أن نبني أنفسنا ونعيد أملنا المشرق المضيء في عالم الإبداع والفن والرياضة والمسرح والعلم وغير ذلك مع تزايد المنافقين والكذابين والمخادعين والفاشلين بيننا؟
يا أستاذنا إن هؤلاء الفشلة يريدوننا فشلة مثلهم كي لا نعريهم ونكشف ألاعيبهم عندما نقود الدولة للأمام، نعم أيها الفيلسوف هؤلاء لا يُؤمَن لهم جانب ولا يستقر لهم حال وهم يروننا نصعد السلم العلمي والإداري وننجح في كل خطوة، انظر واستمع لقصصهم القديمة والجديدة، ما زلنا نرى ونسمع ونلتمس آثار خداعهم في كل مفاصل الدولة، فكم من مخلص تعرض للإساءة منهم، وكم من أمل مشرق أحبط على أيديهم، وأنت أيها الهادي كغيرك من أبناء البلد المخلصين لم تسلم منهم رغم ما قلته من فلسفة واقعية، قد نختلف وقد نتفق، لكن ما هكذا تورد الإبل، وليس بهذه الطريقة تدار النقاشات وهم من يدعون العلم والمفهومية؟! أيها الشامخ العجمي، كيف نعيد الأمل لأمتنا ونحن نواجه هذا التقليل والتهميش مع وجود تلك الزمرة من مثيري الفتن؟ كيف نسلم من كيدهم وغدرهم وتدليسهم، ومن أين يتحقق الاستقرار الأمني والمجتمعي مع تنامي وكثرة الحموضة وأعوانها؟
عندما سمع المعلم من حبيبته كل هذا الكلام وقف وقال: إن نواميس الكون وفوانيسه لا تعطلها خدعة مراوغ وكلمة كذاب وادعاء جاهل، اطمئني يا حبيبتي إن خداعهم الذي طال أكثر من نصف قرن لن يستمر عند أهل الحزم والضمير والبصيرة، فقد بانت نواياهم في وقت الأزمات ولا أكثر دلالة على ذلك من تفاصيل الأمور (أثناء الغزو الغاشم ولا تنسي ما نحن فيه من جائحة كورونا) فقد اتضحت الصورة لدى أصحاب القرار بأن هؤلاء لا همّ لهم سوى أنفسهم وجيوبهم العفنة.
يا حبيبتي إن هؤلاء يريدون جريا في الوحل الذي اعتادوا أن يسبحوا فيه، وأنا مؤمن، والمؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين، وقد قالها سيدنا عمر من قبل (لست بالخب، ولا الخب يخدعني) إنني يا حبيبتي لست مخادعا ولست مختالا غادرا، ولست غافلا عن خداع المخادع وغدر الغادر، فاطمئني فلن يفلح الغادرون. وأخيرا يا حبيبتي، إن من يمكر ويخدع بالليل والنهار قد يتحقق له ما يريد بعض الوقت، ولكن ليس طوال الوقت فقد اقتربت نهاية الحموضة وأعوانها يا حبيبتي يا كويت.