عزيزي القارئ، من منا لا يكره الفساد؟! ومن منا لا يحب الحق والفضيلة؟! ومن منا لا يكره الظلم والاستبداد؟! ومن منا لا يحب العدل والإنصاف؟!
الأسئلة بديهية والإجابة قد تبدو أكثر سهولة، فجميعنا يحب الحق والفضيلة والعدل والإنصاف ويكره الظلم والاستبداد والفساد، لكن سؤال المرحلة التالية يضعنا في محك ضيق وصعب: فمادمنا جميعا بهذه الأخلاق والفضائل العالية لماذا يكثر الفساد والغش والظلم في بلادنا مع أن قيمنا وأخلاقنا ومعتقداتنا تحثنا على التمسك بالفضائل والحق والعدل والفضيلة؟! ما المشكلة إذن؟! ولماذا نقول ولا نفعل، ولماذا نعلن مثاليتنا بالقول والواقع العملي يشهد تلوثنا بالكثير من الموبقات، ولماذا كل هذا التناقض الذي نعيشه بين القول والفعل؟!، هل الخطأ في نظم التربية وعدم وجود قدوة صالحة؟! هل الخطأ يكمن في قصور المؤسسات الدينية عن القيام بدورها على أكمل وجه، وغياب الدور التوجيهي والإرشادي لها، واقتصار دور هذه المؤسسات الدينية على دور الوعظ والإرشاد فقط فلا يؤثر نشاطها في كل نطاقات المجتمع؟! والسؤال الأهم: ما الحل
لكي نخرج من كل هذا التناقض الذي نعيش فيه؟ أحيانا تكاد رأسي تنفجر من شدة التفكير في مستقبل أبنائنا وفي مستقبل هذا الوطن، وإلى أين تقودنا هذه السفينة، وأين يكون شاطئ النجاة؟! أسئلتي هذه ليست من سبيل التفلسف والفلسفة، أسئلتي هذه يسألها كل غيور ومحب لوطنه، ويسأل أكثر منها الصغير والكبير والجاهل والمتعلم وكل طبقات المجتمع، فإلى متى نستمر في هذه الدوامة التي تكاد أن تغرقنا؟! نحتاج الآن إلى وقفة مع النفس نفكر فيها ونتدبر أحوالنا لعلنا نصل إلى حل ينجينا من التهلكة، نحن الآن في مرحلة خطيرة تمر بها بلادنا، والمنكرون لذلك إما أنهم في غيابات الجب لا يسمعون ولا يفهمون ما يدور حولهم، وإما أنهم قد اختاروا طوعا أن يضعوا رؤوسهم في الرمال، وإما أنهم قد استراحوا في مجالسهم واختاروا الصمت وعدم المشاركة كأنهم في واد آخر غير الذي نعيش فيه؟ إن الخطورة لا تكمن في الوضع الحالي، وإنما فيما يهدد المستقبل ويؤثر عليه، إن الوضع الراهن يضعنا في أحد الخيارين، أحدهما أن نتغير بأنفسنا ومن ثم نغير فيمن حولنا، وإما أن نقبل التغيير القادم إلينا لا محالة، فالكرة الأرضية متحركة ودائمة التحرك وليس من سماتها الثبات، من الضروري أن ننهض ونتغير للأفضل قبل أن يجرفنا تيار التغيير رغما عنا (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) صدق الله العظيم.
٭ آخر همسة: عزيزي القارئ، يجب أن نستفيق ونعيد التفكير من جديد علنا نترابط ونتلاحم من أجل هذا الوطن الغالي علينا جميعا، ولنعترف بما لدينا من تقصير وقصور وهذا ليس عيبا فـ (كل بني آدم خطّاء وخير الخطائين التوابون)، والعيب هو أن ندعى الشرف والنزاهة والقدسية والطهارة ونصبح كل يوم نجد أيدينا ملطخة بالدماء والرذيلة فنغسلها سريعا ونكمل في مسلسل الفضيلة الكاذبة.
اللهم اجعل هذا البلد سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين، اللهم إنك قلت وقولك الحق: (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) اللهم قنا شر الماكرين واجعلنا من عبادك الصالحين وتوفنا ونحن مسلمين مؤمنين.